عزّ الدين الفراع: كيف نفكك التماهي في تمجيد رياضيي إسبانيا وهو الذي يستعمر مدنا من المغرب؟

عزّ الدين الفراع: كيف نفكك التماهي في تمجيد رياضيي إسبانيا وهو الذي يستعمر مدنا من المغرب؟ عزّ الدين الفراع، دكتور باحث في علم الاجتماع 
يفكّك عز الدين الفراع، وهو دكتور باحث في علم الاجتماع، العلاقات المغربية اسبانية من خلال تمجيد أو عيادة فعاليات ورياضيين وساسة على الرغم من أن إسبانيا المستعمر في تاريخ المغرب ما تزال تحتل سبتة ومليلية. وفي ما يلي نصّ الحوار:

 تحتل‮ ‬‮ ‬إسبانيا‭ ‬تحتل‭ ‬سبتة‭ ‬ومليلية‭ ‬والجزر‭ ‬المغربية‭ ‬بالشمال،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬المغاربة‭ ‬يشجعون‭ ‬أنديتها‭ ‬الرياضية‭ ‬ويمجّدون‭ ‬ساستها‭ ‬ورياضييها‭ ‬ولاعبيها‭ ‬ويعبدون‭ ‬مسؤوليها‭. ‬كيف‭ ‬تقرأ‭ ‬ذلك؟
 أولا،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تمجيد‭ ‬أو‭ ‬عبادة‭ ‬لأن‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬تعرف‭ ‬مدّا‭ ‬وجزرا‭ ‬يمكن‭ ‬ملاحظاتهما‭ ‬مثلا‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الحدوديّة‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭ ‬إسبانيا‭ ‬كسبتة‭ ‬ومليلية‭ ‬لكنها‭ ‬تعرف‭ ‬إقبالا‭ ‬كثيفا‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬بعض‭ ‬المغاربة‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العيش‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬المؤقت‭ ‬أو‭ ‬السياحة‭ ‬والتسوّق‭.‬
وعندما‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬التاريخ‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لهذه‭ ‬المدن،‭ ‬فسنجد‭ ‬أنها‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬المغاربة‭ ‬والإسبان‭ ‬قد‭ ‬تراوحت‭ ‬بين‭ ‬الحرب‭ ‬والسّلم،‭ ‬الولاء‭ ‬والعداء،‭ ‬القرب‭ ‬والبعد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الثنائيات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تلخصيها‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬معروف‭ ‬في‭ ‬الأدبيات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكولونياليّة‭ ‬هو‭ ‬الازدواج‭ ‬الوجداني‭. ‬فالـمُستعمَر‭ ‬قد‭ ‬يحمل‭ ‬مشاعرا‭ ‬متناقضة‭ ‬تجاه‭ ‬المستعمِر،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يرفضه‭ ‬ويقبله،‭ ‬يحبه‭ ‬ويكرهه‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الآن‭.‬
ثانيا،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المغاربة‭ ‬بالجمع‭ ‬لأن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬ببعض‭ ‬المغاربة‭ ‬أو‭ ‬بفئات‭ ‬معينة‭ ‬كالشباب‭ ‬مثلا‭. ‬فهذا‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬يحلم‭ ‬بالهجرة‭ ‬إلى‭ ‬إسبانيا‭ ‬خصوصا‭ ‬وإلى‭ ‬أوروبا‭ ‬عموما‭ ‬يعيش‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التّماهي‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬بمثابة‭ ‬تعويض‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬المأساوي‭ ‬وتردّي‭ ‬الوضع‭ ‬الاجتماعيّ‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬البطالة‭ ‬وغياب‭ ‬الحريات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتوفر‭ ‬حسبهم‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭. ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬التماهي‭ ‬الذي‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬تشجيع‭ ‬الأنديّة‭ ‬الإسبانيّة‭ ‬وتأييد‭ ‬التوجهات‭ ‬والمواقف‭ ‬السياسيّة‭ ‬للحكومة‭ ‬الإسبانيّة‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬لأننا‭ ‬قد‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تعرّضت‭ ‬للاستعمار‭ ‬كبلدان‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبيّة‭ ‬وأفريقيا‭ ‬وآسيا‭.‬
‮ ‬
 لكن،‮ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬لتغيير‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الشيزوفريني؟‮ ‬
 الوضع‭ ‬ليس‭ ‬شيزوفرينًا‭ ‬بالمعنى‭ ‬السيكولوجي‭ ‬للكلمة،‭ ‬أي‭ ‬تلك‭ ‬الوضعيّة‭ ‬الـمَرضيّة‭ ‬(الباثولوجية)‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يدخل‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬لأسباب‭ ‬معروفة‭. ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الوضع‭ ‬كأنه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التّعويض‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بفئات‭ ‬عريضة‭ ‬من‭ ‬الشباب،‭ ‬أو‭ ‬بالازدواج‭ ‬الوجداني‭ ‬عندما‭ ‬ننتقل‭ ‬إلى‭ ‬المدن‭ ‬الحدودية‭ ‬المغربية‭ ‬الواقعة‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬الإسبانيّة‭ ‬كسبتة‭ ‬ومليلية‭.‬
وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬تغيير‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬يتطلّب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬البناء‭ ‬الداخلي‭ ‬عبر‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬وعي‭ ‬الشّباب‭ ‬وفتح‭ ‬المجال‭ ‬أمامه‭ ‬للتعبير‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬والتغيير‭ ‬بدل‭ ‬إقصائه‭ ‬وإبعاده‭. ‬وهذا‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬خارج‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بوصفها‭ ‬طريقا‭ ‬ملكيّا‭ ‬نحو‭ ‬التغيير‭ ‬وبناء‭ ‬المواطن‭ ‬المتشبّث‭ ‬بوطنه‭ ‬بدل‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يحلم‭ ‬بالهروب‭.‬