جيل "زد" يفرض نفسه اليوم كظاهرة عالمية لا يمكن تجاهلها. ففي الغرب اختارت الحكومات والأحزاب والشركات أن تغير خطابها وأدواتها لملاقاة هذا الجيل بلغته واهتماماته. ولم يعد الشباب يقبل الخطب الطويلة ولا البلاغات الرسمية بل ينجذب أكثر إلى رسائل قصيرة وصور ومقاطع فيديو تبث على المنصات التي يعيش داخلها يوميا.
وأولى الدروس التي نتعلمها من التجربة الغربية هي أن الاعتراف بلغة الجيل ضرورة وليس خيارا ثانويا، فإذا أردنا تواصلا فعالا مع الشباب المغربي فعلينا أن نتخلى عن اللغة الخشبية وأن نبتكر لغة جديدة قريبة من وجدانهم. أما الدرس الثاني فهو أن هذا الجيل لا يثق في المؤسسات لكنه يلتف حول القضايا الملموسة المناخ المساواة التشغيل الحريات الفردية وهي القضايا نفسها التي يمكن أن تشكل مدخلا للحوار الحقيقي في المغرب.
وقد أبرزت التجربة الغربية أيضا أن التعليم والعمل التقليديين لم يعودا جاذبين لجيل "زد" فالغرب لجأ إلى أنماط مرنة مثل التعليم عن بعد والعمل الجزئي والإهتمام بالصحة النفسية للشباب. بينما لا زلنا نصر على قوالب جامدة تدفع الشباب إلى الهروب بدل الاندماج.
أما الدرس الرابع الذي لا يقل أهمية، هو أن الشركات الكبرى في الغرب كانت أذكى من المؤسسات السياسية، إذ استثمرت في لغة الجيل عبر الموضة والموسيقى والتكنولوجيا. وإذا لم ننتبه في المغرب فإن شبابنا سيتحول إلى مجرد مستهلك غاضب بينما تغيب المؤسسات التربوية والثقافية عن الساحة.
باختصار جيل "زد" ليس خصما ولا مجرد ظاهرة عابرة إنه طاقة تغييرية تحتاج إلى الإعتراف والاحتضان. والتجربة الغربية تقول لنا بوضوح إن مخاطبة هذا الجيل بلغته وقضاياه هي الشرط الأول لربحه إلى جانب المجتمع، بدل تركه وحيدا في مواجهة الإحباط ومن يملك مفتاح شيفرة خطاب جيل "زد" هو وحده القادر على نزع فتيل انفلاته وتحويل غضبه إلى طاقة تغيير.