أريري: هلسينكي تمنح فنلندا تذكرة الدخول إلى نادي "العنصرية الصامتة"!

أريري: هلسينكي تمنح فنلندا تذكرة الدخول إلى نادي "العنصرية الصامتة"! عبد الرحيم أريري بالمركب التجاري ذو الجالية الصومالية بهلسينكي
"كل من ولد في فنلندا، فقد فاز باليانصيب".
هذا مثل شعبي فنلندي يترجم اعتزاز الفنلنديين بحظوة المواطن الذي يولد ويعيش في فنلندا.
 
لكن هذا المثل الشعبي تمت تعريته وتم فضح النفاق الفنلندي في دراسة نابعة من دينامية داخلية وليس خارجية، ألا وهي الدراسة الصادرة عن جامعة هلسينكي في عام 2022، والتي كشفت تجذر "عنصرية مؤسساتية صامتة في فنلندا". 
 
حسب الدراسة فمعظم الشركات والعديد من المرافق العامة بفنلندا، تفضل توظيف الفنلنديين "الأصليين" على حساب الفنلنديين من أصل أجنبي أو المنتمين لأقليات إثنية، حتى لو كان هؤلاء أكثر كفاءة واستحقاقا للمنصب المتبارى حوله. بدليل أن حظوظ المرشح لمنصب ما، إن كان يحمل اسما ذا حمولة أجنبية، خاصة عربية أو إسلامية أو إفريقية، تكون ضئيلة بل ومنعدمة حتى في المناداة عليه لحضور مقابلات الانتقاء، فأحرى أن يقع عليه الاختيار. عكس الحال بالنسبة للمرشح للمنصب الذي يكون اسمه ذا حمولة أوربية أو مسيحية، وفق ما كشفته عالمة الاجتماع Guenälle Bauvois، الباحثة في معهد هلسينكي (helsus)، وبمركز البحث حول العلاقات الإثنية والتوجهات اليمينية (CEREN).
 
وتأتي الجالية الصومالية وباقي مهاجري دول إفريقيا على رأس الإثنيات الأكثر تعرضا للعنصرية الصامتة بفنلندا، متبوعين بالمهاجرين المنحدرين من آسيا (العراق، أفغانستان، إيران، إلخ....)، وهي الجاليات التي توافدت على فنلندا منذ اندلاع حرب الخليج الأولى والثانية، وانهيار نظام الديكتاتور سياد بري بالصومال في 1991.
 
عبد الرحيم أريري عند الحلاق مصطفى (ابن أكادير) بنفس المركب التجاري
 
ليس هذا وحسب، بل حتى الاتحاد الأوربي أوضح في دراسة تحت عنوان:"معنى أن تكونا أسودا في أوربا" (Etre noir dans L'UE)، أن فنلندا تصنف كأول دولة في القارة الأوربية من حيث العداء والكراهية صوب أصحاب البشرة السوداء. وهذا ما يجعل فنلندا تصنف في المراتب المتأخرة من حيث توطين الكفاءات المنحدرة من أصول أجنبية، وتوفير بيئة آمنة في مجال الشغل لهم. إذ تحتل الرتبة 51 من أصل 53 دولة.
 
لم أجد صعوبة في اختبار هذه المعطيات، إذ يكفي المرء امتطاء الميترو من وسط هلسينكي، من محطة Yliopisto، للذهاب نحو شرق المدينة، وتحديدا نحو حي Itäkeskus، بعد عبور سبع محطات.
 
حي ITäkeskus، الموجود قرب المنطقة الصناعية Myllypuro، معظم سكانه من المهاجرين. وأغلب هؤلاء من الصومال، لدرجة أن البعض لا يتردد في وصف هذا الحي ب "مملكة الصومال".

الصوماليون يقدر عددهم بحوالي 22 ألف فرد، مما يجعلهم الإثنية الأجنبية الأولى بفنلندا ( ما يمثل 0،4% من مجموع سكان البلاد)، نصفهم يعاني من البطالة ومن صعوبة إيجاد منصب شغل بسبب "العنصرية الصامتة"، وهي العنصرية التي يتحاشى الإعلام الفنلندي الحديث عنها أو إثارة النقاش حولها، خاصة منذ وصول اليمين للحكم عام 2023 وما تلا ذلك من رفع منسوب التشدد الحكومي والبرلماني في التعامل مع قضايا الهجرة والمهاجرين. 
 
هذا الوجه العنصري لفنلندا ينسف خرافة المثل الشعبي المشار إليه أعلاه. إذ لحد الساعة لم يسمع العالم بأن مهاجرا ولد ونشأ وترعرع ودرس في فنلندا تسلم غنيمة "الفوز باليانصيب"!