إن الشعب ليس مسؤولا عن وجود سرعتين في التنمية وفي كل مجالات وظروف العيش ، ذلك أن المتسبب في وجودهما هم سياسات الحكومة وقراراتها والتشريعات ذات صلة بالتجارة والمال والاقتصاد بتزكية ومصادقة من المؤسستين التشريعيتين مما يعجل بتوسيع الفوارق الاجتماعية والطبقية والإنتاجية و.. ، فالسرعة الاولى طريقها سيارة واسعة عريضة خاصة بالأثرياء والأغنياء الكبار والمتحكمين في الثروات البرية والبحرية والاستيراد والتصدير الدوليين أي الذين يسمون بالطبقة البورجوازية ومن يدور في فلكهم من وسطاء من أفراد و شركات و مكاتب و..
كما أن وجود اختلالات كبرى في مجالات العدالة الاقتصادية والاجتماعية و التنموية هي عنوان عريض للتهميش والتفقير والخصاص والظلم الذي تم التمادي فيه حيث تسبب ويتسبب في تآكل غالبية الطبقة الوسطى الذين يمكن تصنيفهم في السرعة الثانية المقحمون في السرعة الثالثة التي مسارها ضيقة ومختنقة وغير سالكة ومعطلة فيها التنمية كما أن الحقوق متدهورة ومعطلة .
إن المتسبب في وجود الاختلالات التي تتباين مستويات خطورتها طبقيا ومجاليا وديموقراطيا وتنمويا .. هي الوعود بالبرامج الانتخابوية للاغلبية الحزبية التي توجد بالمؤسسات التشريعية والتي تتشكل منها الحكومات ،، فما يحصل في الواقع وما يعاني منه الناس هو ظلم اقتصادي واجتماعي وإقصاء لايفتح أبواب التنمية والتهيئة بالجبال والسهول والصحارى والشطآن التي تشكل غالبية تراب الوطن ...
إن مجال أصحاب السرعة الأولى مقسم إلى سرعات وهم أعلم بذلك منها سرعة فرق صوتية ، وسرعة الصوت وسرعات خاصة ومحتكرة تؤدي إلى إثراء وتمركز للثروات أقل بفواق صارخة عن الاولى الذين هم منها ...
كما أن أصحاب السرعة الثانية هم ضحايا السياسات الحكومية التي أضعفت وفقرت الطبقة العاملة والكادحة والحقت بهم البورجوازية المتوسطة ، والفلاحين الصغار الذين التحقوا غالبيتهم بالمساكين والدراويش الذين لاعمل عندهم ولا دخل ولاسكن وهم مشتتون بين العوالم القروية والضياع وسط المراكز الحضرية ومحيطها ..
فغياب العدالة الاقتصادية والاجتماعية يمركز الثروات الخاصة والعامة عند الأقلية المتواجدة بخانة السرعة الاولى حيث يزداد الاغنياء غنى ، والمؤكد في مقابل ذلك يزداد أصحاب السرعة الثانية تأزما و فقرا وخصاصا وتهميشا مدقعا ..يجبر ساكنة البوادي على الهجرة من قلاعها التاريخية لأن التهميش والعزلة وحرماهم من البنيات التحتية لعقود ولازالت .. ، كما أنهم يعانون من ضعف مستوى الخدمات الإجتماعية وخاصة الصحة وظروف العيش القاسية ..
وعندما ترى التناقضات المزعجة والمستفزة بالمدن من وجود تباين مستفز : أحياء الاثرياء والاغنياء والمناطق السياحية الخاصة بأمثالهم من المغاربة والاجانب حيث الكثافة السكانية ضعيفة والاراضي التي يتواجدون عليها كبيرة ومها الشاسعة جدا ... ، بنياتها التحتية وفضاءاتها واسواقها وشطئانها وفضاءاتها الخضراء وتجهيزاتها ....مهمة جدا إلى راقية ..
وعندما ترى أحياء الطبقات الشعبية كثافتها السكانية كبيرة وضخمة ..مهمشة ورثة وفقيرة ماليا ومجاليا وعلى مستوى البنيات االتحتية والفضاءات العمومية و.. ، وفي مقابل ذلك نرى احياء تحدث على عجل لاستقطاب الطبقة الوسطى التي تضررت كثيرا بسبب السياسات العمومية من تحرير الاسعار وتجميد الاجور والديون المتراكمة المتعلقة بالبناء أو شراء السكن العائلي في العمارات ؟ ، كما نرى ظروف العلاج والاستشفاء والتغدية والعطالة وارتفاع الاثمنة بشكل مستفز حتى في الحاجيات المرتبطة بالعيش اليومي على محدوديته تعلق الامر بالخضر والفواكه واللحوم البرية والبحرية ...اصبحت عقبة مزعجة لاصحاب السرعة الثانية ...
إن المطلوب في موضوع السرعتين مفهوم ولا يجوز تأويله وتبريره لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه أو القيام ببعض الاجراءات الترقيعية المكرسة للدونية والاحسان بمفهومه التحقيري .. ،
إن الحكومة والمؤسسات التشريعية مدعوون للاجابة العملية والقانونية على :- سؤال أين الثروة ؟ - ماهو سقف الاثراء المعقول ؟ - وماهي مصدار الثروة ؟ - وأين إعمال قاعدة من أين لك هذا بالنسبة للإثاء غير الشروع وغير المبرر في علاقة بمستوى الدخل ؟ - ولماذا تأخرنا كل هذه العقود مما تسبب فيما يعاني منه الشعب من ضعف مزعج في التنمية المجالية واختلال مقلق في العدالة الاقتصادية والاجتماعية والذي يؤدي إلى حلات الاحتقان والاحتجاج لاثارة انتباه الحكومة ومن يعنيهم الأمر ، إن الدفع بنعث وتوصيف حركات التظاهر بأنها غير مرخصةوغير مشروعة يتطلب و يقتضي الاستماع بحكمة وعقلانية للناس وتفهم مشاكلهم والتدخل لمعالجة موضوع الحراك المطلبي و أسبابه والاستجابة الفعلية العملية التي لاشك أن وراءها استطالة تباين السرعتين وقرارات أو ممارسات وسياسات من أفرد أو مؤسسات أو شركات تمس وتلحق الضرر بمكتسبات وحقوق ومصالح الكادحين وأمنهم واستقرارهم ...
إن المطلوب اليوم وللمستقبل القريب والبعيد هو إثراء الشعب بإدماجه في التنمية أينما تواجد ، واستفادته من عائدات ومصادر الثروات المتواجدة بالمجالات الترابية والبحرية بالجماعة والإقليم والجهه والوطن ، ويكفى أصحاب السرعة الاولى ما راكموه منذ الاستقلال إلى اليوم ، وعليهم أن يفهموا ويستوعبوا عقلا ومنطقا وشرعا وعدلا ما جاء في الخطاب الملكي ، وليعملوا على رفع سرعة وقوة التنمية المستدامة في مجتمع ومجالات مغرب السرعة الثانية حتى نخرج الناس من الهشاشة والفقر والخصاص إلى مجتمع الرخاء والإزدهار :
... (...غير أنه مع الأسف، ما تزال هناك بعض المناطق، لاسيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية. وهو ما لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم، ولا مع جهودنا في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية، وتحقيق العدالة المجالية. فلا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين...). و
(.. لقد حان الوقت لإحداث نقلة حقيقية، في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتدارك الفوارق الاجتماعية والمجالية. لذلك ندعو إلى الانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية، إلى مقاربة للتنمية المجالية المندمجة.
هدفنا أن تشمل ثمار التقدم والتنمية كل المواطنين ، في جميع المناطق والجهات، دون تمييز أو إقصاء. ولهذه الغاية، وجهنا الحكومة لاعتماد جيل جديد من برامج التنمية الترابية، يرتكز على تثمين الخصوصيات المحلية، وتكريس الجهوية المتقدمة، ومبدأ التكامل والتضامن بين المجالات الترابية). خطاب العرش الثلاثاء 29 يوليوز 2025