منذ الجولة الأولى من البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، اندلعت أزمة التحكيم ووجهت أصابع الاتهام لقضاة الملاعب. ارتفع منسوب الاحتقان بعد مباراة «الكلاسيكو» بين الرجاء الرياضي والجيش الملكي، التي شهدت أخطاء تحكيمية زادت من مخاوف المتتبعين للشأن الكروي، بشكل دفع المديرية التقنية الوطنية للتحكيم إلى التحرك بشكل سريع وغير مألوف، حيث أصدرت عقوبات رادعة في حق حكمين، في محاولة لتهدئة النفوس الثائرة.
"الوطن الآن" تعيد ترتيب أزمات التحكيم المغربي، وتسلط الضوء على أشهر قرارات التوقيف في حق الحكام.
لم تمر مباراة الرجاء الرياضي والجيش الملكي، برسم الدورة الثانية من البطولة الاحترافية دون أن تخلف جدلا واسعا في الوسط الرياضي، إذ خطفت قرارات التحكيم الأضواء من أقدام اللاعبين، وانصبت الانتقادات بشكل خاص من جانب جماهير نادي الجيش الملكي على التحكيم إذ وجهت أصابع الاتهام لحكم الوسط وغرفة «الفار» معتبرة أنهما وراء حرمان فريقها من فوز مستحق.
أمام عاصفة الانتقادات التي كانت منصات التواصل الاجتماعي مسرحا لها، ورغبة من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصبة الاحترافية في تطويق التوتر الذي زادته بلاغات الاستنكار حدة. أصدرت المديرة التقنية الوطنية للتحكيم قرارا في منتصف الليل يتضمن مجموعة من القرارات التأديبية، في حق مجموعة من حكام الجولتين الأولى والثانية، من منافسات البطولة الاحترافية في قسمها الأول.
وكان القرار الأبرز، توقيف الحكم محسن السوردي، الذي قاد مقابلة الرجاء الرياضي والجيش الملكي لمباراتين، مع توقيف حكم الفار عبد المنعم باسلام ثلاث مباريات، وأكدت المديرية الوطنية التقنية للتحكيم، «أن هذه القرارات تندرج في إطار التزامها الراسخ يواكب متطلبات التنافسية الكروية على الصعيد، وأن حصيلة بعض الحكام لم ترق إلى مستوى التطلعات».
في رد فعله على قرار التوقيف، اختار الحكم محسن السوردي أن يوجه رسالة مقتضبة عبر تدوينة على صفحته الرسمية، حيث كتب: «شكرا جزيلا ومن القلب الخالص لجميع الأساتذة والإخوة، على مساعدتكم وكلماتكم الطيبة للرفع من معنوياتي كل باسمه، قدر لله وما شاء فعل، لعله خير إن شاء لله. جزاكم لله خيرا».
وصفة الجامعة لعلاج أزمة قضاة الملاعب
يواصل مستوى التحكيم في الملاعب الوطنية لكرة القدم إثارة الجدل من موسم للآخر
وأسالت العديد من الحالات التحكيمية الكثير من المداد في المواسم الأخيرة. كما بات «عادة» لا غبار عنها بأن تتقاطر الرسائل الاحتجاجية ضد التحكيم بعد نهاية كل أسبوع.
مقابل ذلك حاولت العصبة الوطنية ومعها مديرية التحكيم تشخيص الحالات التحكيمية والبت فيها، من خلال لقاء أسبوعي يسلط الضوء على جميع الحالات التحكيمية المثيرة للجدل حتى يستفيد الحكام من الأخطاء، لكن ذلك لم يغير شيئا من واقع الصافرة في الملاعب الوطنية.
لكن رغم ذلك استمرت فصول الاحتجاج على التحكيم، وفي خطوة تعكس الرغبة في تطوير التحكيم المغربي،تم الإعلان عن تكليف الحكم الدولي إسماعيل الفتح بإجراء خبرة شاملة على التحكيم الوطني. تتضمن مكامن القوة والضعف، واقتراح سبل تطويرها.
وفي إطار الجهود المبذولة لتعزيز الثقة في قطاع التحكيم، وقع حكام النخبة خلال لقاء مستقل على ميثاق شرف جديد، يحدد قواعد سلوكية صارمة لضبط مهامهم داخل وخارج الملاعب.
وينص الميثاق على منع تلقي الهدايا أو الامتيازات بجميع أشكالها، وحظر التواصل المباشر مع الأندية أو وسائل الإعلام إلا بإذن مكتوب من الجهات المختصة، بالإضافة إلى الالتزام بالسر المهني، واحترام التسلسل الإداري، والتبليغ الإجباري عن أي محاولة للمساس بنزاهة اللعبة.
ويشكل هذا الميثاق ركيزة أساسية لتنزيل مصداقية التحكيم، حيث شددت الجامعة على أن أي خرق لبنوده سيعرض الحكم لعقوبات تأديبية، تتراوح بين التنبيه والتعليق المؤقت أو النهائي، حسب ما ينص عليه النظام الداخلي.
أشهر عقوبات التوقيف في قطاع التحكيم المغربي
لا يخلو أي دوري من الأخطاء التحكيمية، والتي يعتبرها الخبراء جزءا من متعة كرة القدم، ويعتبرها عموم المواطنين «أخطاء بشرية»، إذ لا يوجد إنسان معصوم من الأخطاء، لكن حجم وأثر الأخطاء المرتكبة من طرف الحكام هي التي تحول هفوة صغيرة إلى «كبيرة من الكبائر».
وشهد الدوري المغربي العديد من الأخطاء التحكيمية، التي دفعت جامعة كرة القدم في وقت سابق إلى اتخاذ في عقوبات مثيرة في حق الحكام.
وفي واحدة من أشهر العقوبات على الحكام، تلقى الحكم الدولي هشام التيازي عقوبة الإيقاف مدى الحياة، بعد القرارات المثيرة للجدل في مباراة أولمبيك خريبكة وضيفه يوسفية برشيد، فقط لأنه احتسب أربع ضربات جزاء ثلاثة منها للفريق الخريبكي وواحدة للفريق الحريزي. لكن الحكم التيازي سينتدب محاميا استأنف القرار فتمت تبرئته ببلاغ جامعي يعلن إلغاء عقوبة التوقيف التي دامت 283 يوما. ليعود للإسهام في تطوير التحكيم على مستوى جهة مراكش تانسيفت.
في سنة 2022 أعادت مديرية التحكيم، الحكم الدولي عادل زوراق لقيادة مباريات البطولة من بوابة القسم الثاني، بعد توقيف دام أزيد من أربعة أشهر بسبب قضية غامضة لم تكشف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عن تفاصيلها إلى الآن.
وكانت سنة 2010 شاهدة على واحدة من العقوبات المثيرة في حق أحد حكام الدوري المغربي، ويتعلق بالحكم الفيدرالي عبد الله مشمور، الذي تم إيقافه لمدة عامين بسبب مباراة أولمبيك خريبكة وجمعية سلا. لكن مشمور سيعلن انسحابه من الملاعب قبل أن يعود للتحكيم بعد عشر سنوات حين تم تعيينه عضوا في اللجنة الجهوية للتحكيم بعصبة الشرق.