بالنسبة لفظاعات وجرائم الإسبانيين ضد المغاربة لا يمكن حصرها لا من حيث الزمان ولا المكان منذ سقوط الأندلس وطرد المسلمين منها سنة 1492، لأن الاسبانيين يمارسون أبشع جرائم القتل والتهجير واحتلال الأراضي وفرض الضرائب الثقيلة على البضائع والسفن على المغاربة بصفة عامة. كما اشتد ضغط الإسبانيين على المغرب بعد هزيمة معركة تطوان سنة 1859 والتي من نتائجها المباشرة احتلال سيدي إفني سنة 1860 ومحاولة التوغل جنوبا في الصحراء بعد ذلك بسنوات استغلالا لضعف المملكة سياسيا وعسكريا. وبالتالي يوثق الأرشيف الاسباني عدة جرائم لابد من فتح ملفاتها والغوص في تفاصيلها تحقيقا للذاكرة التاريخية التي تربط بين البلدين.
وجوابا عن سؤالك بخصوص ما حصل في حرب الغازات السامة بالريف، أؤكد لك أنه بالفعل استخدمت القوات الاستعمارية الإسبانية الغازات السامة ضد مجاهدي الريف في عدة معارك خصوصا خلال الحرب المعروفة ب حرب الريف الكبرى ما بين 1920 و1927 .
الجهات الرسمية المغربية، كما الأحزاب السياسية والفاعلين المدنيين وسكان الريف، لازالوا يطالبون الدولة الإسبانية بالاعتراف بجرائمها الفظيعة هناك، وبالاعتذار رسميا وتعويض عائلات الضحايا وإنصاف منطقة الريف من مخلفات الغازات السامة.
أما بخصوص موقف إسبانيا الرسمي ومواقف الأحزاب السياسية والإعلام فلا يعدو كونه تبادل أدوار متعمد لإرضاء أطراف هذا النزاع. فمن جهة نجد الأحزاب السياسية في إسبانيا كلها في حملاتها الانتخابية تدعو إلى الوقوف إلى جانب البوليساريو، لكن ذلك مجرد محاولة لدغدغة عواطف الإسبانيين الذين هم منخدعون بالوضع الإنساني حيث تلعب البوليساريو بذلك دورا بارزا من خلال إرسال عشرات الآلاف من الأطفال ضمن العطل التي تسمى (عطل السلام) وإظهار صورة مزيفة عن حقيقة الصراع. لكن في نهاية المطاف وعند فوز أي حزب بالانتخابات يعود إلى موقف الدولة الرسمي وهو الوقوف إلى جانب المملكة المغربية.
أما الجانب الاعلامي فلا نستبعد دور المال الجزائري في شراء القنوات الإسبانية الخاصة وبعض الجرائد الصفراء التي تتحدث باسم الأحزاب اليمينية التي تكره المغرب، لكن ذلك يبقى ظاهرة موسمية لن تؤثر في عمق العلاقات الإسبانية المغربية.
فاللوبيات الجزائرية نشطة في إسبانيا تقود حملات موسمية على المملكة المغربية مستغلة مال الشعب الجزائري الجريح، ومستغلة حقد النظام العسكري الجزائري على كل ما هو مغربي لإذكاء الفتنة والضغينة ضد المغرب. لكن أكرّر أن هذا لن يفيد في قوة العلاقات الرسمية الإسبانية المغربية.