كريم مولاي:  التعديل الحكومي الأخير في الجزائر.. إعادة إنتاج للأزمة

كريم مولاي:  التعديل الحكومي الأخير في الجزائر.. إعادة إنتاج للأزمة كريم مولاي
شهدت الجزائر تعديلاً حكومياً جديداً قُدِّم للرأي العام على أنه خطوة إصلاحية تهدف إلى تحسين الأداء وتجاوز الاختلالات. لكن نظرة فاحصة تكشف أن ما جرى ليس سوى إعادة تدوير لنفس الأسلوب القديم، حيث تُبدَّل المواقع بين المسؤولين وتُدخل وجوه جديدة مجهولة، دون أي تغيير حقيقي في السياسات أو في طريقة إدارة الشأن العام.
 
دوير لا تغيير
الملاحظ أن بعض المسؤولين الذين ارتبطت أسماؤهم بالفشل أو بالعجز عن تسيير ملفات حساسة لم تتم محاسبتهم، بل نُقلوا إلى وزارات أخرى، وكأن الإخفاق لا يُعد معياراً للاستبعاد بل مجرد مبرر لتغيير الموقع. هذا المنطق يحول التعديل إلى لعبة كراسي موسيقية، لا إلى عملية تقييم ومساءلة.

 
وجوه مجهولة.. بلا مشروع
من جهة أخرى، دخلت إلى الحكومة أسماء لا يعرف عنها الرأي العام شيئاً. لا سير ذاتية منشورة، ولا برامج معلنة، ولا تعهدات واضحة. الأمر الذي يعمق أزمة الثقة بين السلطة والمجتمع، ويجعل من الوزارات مجرد حقائب تُمنح لإرضاء توازنات داخلية بدلاً من أن تكون مواقع لخدمة الشعب.

 
الشعب الغائب الأكبر
المواطن البسيط، الذي ينتظر حلولاً لأزماته اليومية من بطالة وغلاء معيشة وأزمات نقل وصحة وسكن، لم يجد أي صدى لهمومه في هذا التعديل. فالمشاكل تتراكم، والقرارات تبقى فوقية، والنتائج على الأرض تكاد تكون منعدمة.

 
الواجهة التجميلية
في النهاية، ما يسمى بالتعديل الحكومي ليس سوى واجهة تجميلية لأزمة أعمق بكثير. فالتغيير الحقيقي لا يقاس بعدد الوجوه التي تدخل أو تخرج، بل بمدى وضوح الرؤية، وفعالية البرامج، وربط المسؤولية بالمحاسبة. أما ما جرى فلا يعدو كونه استمراراً لنهج قديم يقوم على تغليب الولاء على الكفاءة، والمناورة على الإصلاح.

 
الخلاصة
الجزائر اليوم لا تحتاج إلى تعديلات شكلية، بل إلى ثورة في طريقة التفكير وإدارة الدولة. ما لم يُربط المنصب بالمسؤولية، ويُفتح المجال للكفاءات، وتُشرك إرادة الشعب في القرار، فإن أي تعديل حكومي سيبقى مجرد إعلان بروتوكولي لا قيمة له أمام حجم التحديات التي تواجه البلاد.