في كتابه «بشرة سوداء، أقنعة بيضاء»، يكشف فرانز فانون كيف أن المهمَّش يتبنى قناع المهيمن باحثًا عن اعتراف زائف، ما يولّد اغترابًا عن الذات. تتجلى هذه الحالة، بشكل رمزي، في واقع مغاربة "الحاشية السفلى" كما نصفهم في كتاباتنا: سكان القرى والمناطق الجبلية والضواحي، الذين يعيشون تحت وطأة التهميش الاقتصادي والثقافي، محرومين من الاعتراف الكامل بمواطنتهم.
أما في «معذّبو الأرض»، فيطرح فرانز فانون العنف كأداة نفسية وسياسية لكسر البنية الاستعمارية. ونحن، بدل العنف المادي، نطرح الطريق الرابع كفعل تحرري سلمي، يهدف إلى إعادة توزيع السلطة والموارد، عبر مشاركة حقيقية للحاشية السفلى في القرار، وإعادة بناء الدولة من أسفل، انطلاقًا من الهامش.
ويؤكد فرانز فانون أن الثقافة التحررية ضرورة لانعتاق الشعوب من عقدة النقص والتبعية. في هذا الصدد، نتبنى نفس الرؤية، إذ ندعو إلى تمكين ثقافي لمغاربة الهامش ( عبر الجامعة الشعبية المغربية UPM والمقهى الثقافي CCM ، وكل الديناميات التوعوعية والتثقيفية والتحسيسية..مثلا)، يعيد إليهم كرامتهم الرمزية، خارج قوالب الخطاب الرسمي أو الإحساني.
وانطلاق مما سبق، يمثل مشروع ورؤية الطريق الرابع بديلاً فكريًا وثقافيا قبل أن يكون سياسيا.
فهو يتجاوز الأيديولوجيات التقليدية، ويضع مغاربة الحاشية السفلى/ المغاربة المستبعدين اجتماعيا وثقافيا، في قلب العملية السياسية، لا على هامشها. وهو بذلك يلتقي مع فرانز فانون في الدعوة إلى التغيير، يبدأ من نقد مركزية الدولة ومؤسساتها، وإعادة تعريف المواطنة كعلاقة ندّية لا خضوع فيها.
وفي الأخير، إن الربط بين فكر فرانز فانون والطريق الرابع، يكشف عن أفق جديد لفهم النضال الاجتماعي: ليس فقط كصراع طبقي أو جهوي، بل ( وهذا هو الأساس) كمشروع وعي شامل يعيد للإنسان المغربي قيمته، ولمفهوم الوطن معناه.