الحسين الدومي: الإعلام المغربي.. مرآة مكسورة أم يد ممسوكة؟

الحسين الدومي: الإعلام المغربي.. مرآة مكسورة أم يد ممسوكة؟ الحسين الدومي
في المجتمعات الحية، يكون الإعلام سلطة رابعة، حارسة للوعي الجماعي، تطرح الأسئلة بدل أن تخافها، وتكشف المستور لا أن تزيّنه. لكن في المغرب، يحق لنا أن نتساءل: هل الإعلام يعبّر عن المجتمع، أم يُصاغ ليوجه المجتمع نحو ما يُراد له أن يكون؟
 
كثيرًا ما يبدو الإعلام وكأنه يؤدي دور "المؤدّب العام"، لا دور الناقد أو الكاشف. يُجمّل الواقع، يُعقّم الأسئلة، ويمنح المسكّن بدل الحقيقة. يتم تضخيم الهوامش وتهميش الجوهري. تسود التفاهة، ويُقصى الفكر، فتُصنع نجومية المؤثرين، ويُقصى المؤثرون الحقيقيون.
 
في هذا السياق، لا يبدو الإعلام أداة حرية، بل أداة تشكيل. خطاب واحد يُعاد ويُصاغ بأوجه متعددة، ولكن الروح واحدة: الحفاظ على السكون، لا تحريك الساكن. فهل هو إعلام يُخاطب المواطن أم يربّيه على الصمت؟ وهل هو ناقل للحدث أم صانع لاتجاه الرأي؟
 
والمفارقة أن في عصر الانفتاح الرقمي، ما زالت الكثير من المنابر تحاول استنساخ خطاب الخضوع، في زمن صار فيه المتلقي أكثر وعيًا من المرسل، وأكثر جرأة في الطرح من بعض كبار الأقلام.
 
لسنا ضد أحد، ولسنا مع الفوضى. لكننا مع سؤال الحقيقة: هل الإعلام في المغرب يعكس ما نحن عليه؟ أم يعكس ما يُراد منا أن نكون عليه؟
الإعلام الحقيقي لا يختبئ خلف خط تحريري ضبابي، بل يملك الشجاعة ليقول: هنا وجع، وهنا اختناق، وهنا حاجة إلى تغيير.
 
 هل هذا الإعلام موجود؟ أم أنه ما يزال فكرة مؤجلة؟
 في نهاية المطاف، الإعلام الذي لا يزعج، لا يُحرّك. والمجتمعات لا تتقدّم بإعلام ينام على سرير السلطة، بل بذلك الذي يحمل على عاتقه همّ الوعي، ويزعج حين يجب، ويطرح الأسئلة التي تؤلم لكنها تفتح آفاقًا للفهم والتغيير.
الإصلاح الإعلامي في المغرب لن يكون بتغيير الوجوه فقط، بل بإعادة تعريف وظيفة الإعلام: أهو سلطة رابعة؟ أم مجرد صوت إضافي في جوقة الموالاة؟
الحسين الدومي، ماجستير مقارنة الأديان جامعة محمد الخامس الرباط 
مستشار نفسي واسري ووسيط