في خطوة وُصفت بأنها مثيرة للجدل، قررت السلطات الجزائرية تعليق بث ثلاث قنوات تلفزيونية محلية، من بينها "الشروق"، "الحياة"، و"البلاد"، بحجة ارتكاب مخالفات مهنية وبث محتوى قيل إنه "يسيء لصورة الدولة". هذه الإجراءات جاءت تزامنًا مع حادث أليم تمثل في انقلاب حافلة، وهو ما أثار حالة من الصدمة والغضب في أوساط المواطنين، خاصة مع تفاعل تلك القنوات بشكل مكثف مع تفاصيل الكارثة.
الهيئات الرسمية بررت قراراتها بأن التغطيات الإعلامية حملت معلومات غير دقيقة وتجاوزت ما اعتبرته حدودًا مهنية، متهمةً بعض الوسائل بـ"التضليل" و"نشر أخبار مغلوطة". ولم تكتفِ بالإيقاف المؤقت، بل لوّحت بعقوبات إضافية قد تشمل الغرامات أو حتى إغلاق بعض البرامج بشكل نهائي.
لكن في نظر العديد من المراقبين، لا يمكن فصل هذه التطورات عن نهج أوسع تسلكه السلطة لتقييد حرية التعبير والتحكم في الرواية الإعلامية الرسمية، لا سيما في ظل ظرف سياسي واجتماعي مشحون. فبدلاً من محاسبة الجهات المعنية عن تكرار الحوادث المفجعة، يتم توجيه سهام العقاب نحو المنصات الإعلامية التي تجرؤ على كسر الصمت.
الإعلاميون في الجزائر يجدون أنفسهم أمام واقع معقد، تسيّجه قوانين صارمة وضغوط مستمرة، تجعل من مجرد نقل الوقائع عملاً محفوفًا بالمخاطر. والنتيجة: تآكل تدريجي لهامش الحرية، وتعميق للهوة بين ما يعانيه المواطن يوميًا وبين الصورة التي تسعى السلطة لترويجها.
ما يجري يعيد النقاش إلى الساحة حول مستقبل الصحافة المستقلة في البلاد، ويؤكد مرة أخرى أن حرية الكلمة في الجزائر لا تزال تعيش تحت تهديد مستمر، في معركة طويلة لم تُحسم بعد.