إدريس الفينة: تراجع البطالة وارتفاع البطالة المقنّعة.. قراءة مزدوجة لسوق الشغل في الربع الثاني من 2025‏

إدريس الفينة: تراجع البطالة وارتفاع البطالة المقنّعة.. قراءة مزدوجة لسوق الشغل في الربع الثاني من 2025‏ عزيز أخنوش يتوسط إدريس الفينة (يمينا) ويونس السكوري (يسارا)
يكشف التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط صورة متناقضة لسوق الشغل في المغرب خلال الربع الثاني من سنة ‏‏2025. فعلى الورق، تراجع معدل البطالة بشكل طفيف من 13,1% إلى 12,8% خلال سنة واحدة، أي بانخفاض قدره ‏‏38 ألف عاطل. غير أن خلف هذا التحسن الظاهري، تخفي الأرقام واقعاً أكثر إثارة للقلق: ارتفاع ملموس في البطالة ‏المقنّعة التي أصبحت تمس 10,6% من الساكنة النشيطة (مقابل 9,6% في نفس الفترة من السنة الماضية)‏‎.‎
 
هذا التناقض يفسَّر بسوق شغل مدفوع بخلق مناصب شغل هشة وضعيفة الأجر. فبينما تمكن قطاع البناء والأشغال ‏العمومية من خلق 74 ألف منصب شغل، وقطاع الخدمات 35 ألفاً، فقد قطاع الفلاحة، المتضرر من الجفاف، 108 آلاف ‏منصب، مما عمّق معاناة العالم القروي. في الوقت ذاته، فقدت الأنشطة غير المؤدى عنها 126 ألف منصب، وهو مؤشر ‏على تآكل الاقتصاد غير المهيكل‎. كما ان قطاع الصناعة المعول عليه كانت مساهمته في خلق مناصب الشغل جد هامشية.
 
أما بطالة النساء فقد شهدت ارتفاعاً مقلقاً لتبلغ 19,9% (+2,2 نقطة)، فيما ظلّ معدل بطالة الشباب (15-24 سنة) عند ‏مستوى مرتفع بلغ 35,8%. إلا أن المؤشر الأكثر إثارة للقلق هو تراجع معدل النشاط الوطني إلى 43,4%، في أدنى ‏مستوياته خلال السنوات الأخيرة. هذا الانخفاض يعكس ظاهرة إحباط متنامية تدفع جزءاً متزايداً من الساكنة النشيطة، ‏خصوصاً النساء والشباب، إلى الانسحاب من سوق الشغل، إما بسبب غياب الفرص اللائقة أو ضعف الأجور‎.‎
 
هذه الأرقام تعكس انتقال الأزمة بدل حلها: الاقتصاد المغربي لازال ضعيفا ولا يواكب لا سوق الشغل ولا الدينامية الديموغرافية الحالية . فهو اقتصاد لا يخلق ما يكفي من فرص العمل اللائق لاستيعاب شبابه وخريجيه، ‏في حين أصبحت البطالة المقنّعة القاعدة الجديدة. واقع يفرض إصلاحات هيكلية جريئة وعاجلة‎.‎
 
يظهر جليا من الأرقام ان البرنامج الحكومي لإنعاش التشغيل غير قادر إلى حدود اليوم من عكس الدينامية السلبية الحالية.