عبد الجليل أبوالمجد:هل تحول الشعب المغربي إلى عدواني؟

عبد الجليل أبوالمجد:هل تحول الشعب المغربي إلى عدواني؟ عبد الجليل أبوالمجد

الدافع الذي دفعني أن أكتب في هذا الموضوع هو ما حدث لي مؤخرا وانا في طريقي المعتاد صادفت صديق، وبعد السلام عليه فوجئت بتدخل شخص غريب جالس معه يلومني على عدم السلام عليه باليد فرددت عليه أنني سلمت على الجميع ومن طبعي لا أسلم باليد تجنبا للإحراج. فانفعل الرجل وبدأ يصيح بكلام نابي ساقط منحط، ويشتم بكل وقاحة ويصف الناس بالأنانية والنفاق. بل حدث ما لم يكن متوقعا، إذ ضرب بكأس قهوته على الرصيف. ولحسن حظي تدخل صاحب المقهى وتأسف عما حدث، فشكرته وأكملت طريقي المعتاد. وهنا أتسأل لماذا صار كثيرون من المغاربة يتصرفون بغضب وعدوانية؟

إن الناظر في وجوه الناس في السنوات الأخيرة، يلاحظ كم هم متأزمون ومتعبون وغاضبون، وتتضح الصورة أكثر إذا كان هذا الملاحظ يقارن وجوه الناس وأحوالهم بفترات سابقة، كانت الشخصية المغربية تتسم بالطيبة والابتسامة والمرح والتفاؤل، أما الآن فالصورة مختلفة كثيرا حيث حلت القسوة والكآبة والأنانية والانتهازية والغش والرغبة في الكسب السريع والعنف.

ويبدو اليوم أن العنف أصبح حالة عامة في سلوكيات الإنسان المغربي، فلا يخلو شارع واحد، لاسيما في الأحياء الشعبية من العنف والعراك بالأيدي، وفي أحسن الأحوال بالكلام الساقط والألفاظ النابية.

صحيح إنه طبقا لمفهوم عالم النفس النمساوي "سيغموند فرويد" أن الإنسان كائن عنيف وعدواني بطبعه، على اعتبار أنه يتوفر على أهواء وغرائز فطرية تحتم عليه القيام بسلوكيات ذات نزعة تدميرية قصد إشباع تلك الغرائز، ورغم أن الإنسان يملك عقلا فإنه لا يقوى على كبح جماع تلك النزعة التدميرية.

 

يقول البعض إن انتشار العدوانية يعود إلى سوء التربية والبعد عن تعاليم الدين. قد يكون ذلك صحيحا لكن هناك أسباب أخرى مهمة لعل من أهمها:

أولا: الإحباط واليأس

الطموح حق مشروع لكل إنسان وهو ظاهرة إنسانية طبيعية، أن يطمح الإنسان معناه أن يكون أفضل في عمله وأفضل في لباسه وأفضل في مأكله ومشربه.

لكن عندما تكون للفرد طموحات أكبر ويفشل في تحقيقها تحدث له حالة من الإحباط تعزز لديه الدافع للتحدي، وهذا الدافع يرتبط ارتباطا وثيقا بالنزوع للعدوان.

وعموما، الإحباط هو أهم عامل منفرد يؤدى إلى العنف والعدوانية، ولدى الشعب المغربي كم هائل من الإحباط على مستويات متعددة.

ثانيا: انعدام العدالة

يحتاج الانسان إلى الاحساس بالعدالة، على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد الاجتماعي. معنى العدالة أن تتساوى الفرص في الترقي والصعود الاجتماعي. لكن المحسوبية والوساطة وعدم المساواة أمام القانون يعمق الإحساس بالظلم والإحباط وانتشار القيم السلبية مثل النصب والاحتيال والكذب ومحاولة الكسب السريع بغير جهد، والرشوة والغش والنصب، مما يدعم الشعور بالظلم الاجتماعي لدى فئات من المجتمع.

ثالثا: العدوان كنموذج ومثال

هناك عدة دراسات سلوكية، تؤكد أن وجود النماذج العدوانية في الأسرة أو المجتمع، يعد عاملا أساسيا في توجيه الفرد الذي يتعرض لمثل هذه النماذج الى القيام بسلوك عدواني، وكلما زاد عدد هذه النماذج كلما كثرت إمكانية تقليدها.

والأسرة هي العامل الأول المؤثر على شخصية الإنسان منذ الصغر، حيث ينشأ ويترعرع بين أفراد أسرته، فإذا كانت الأسرة مفككة وأحد أفرادها من الأشخاص العدوانيين فسينشأ الطفل عدوانيا باعتبار العدوانية سلوك إنساني مألوف، وبالتالي تتأصل العدوانية في أعماق شخصيته ويصبح عدواني الفكر والسلوك.

رابعا: ضعف الوعي

ضعف الوعي وضعف القراءة وتدني المستوي الثقافي بالمغرب لهم تأثير كبير على مدى انتشار ظاهرة العنف في المجتمع المغربي حيث إنه كلما قل الوعي زاد معدل ظاهرة العنف والعدوانية.

خاتمة

يعد الإنسان العدواني تحديا كبيرا للمجتمع، حيث يمكن أن تنشأ العديد من المشاكل جراء سلوكه. من الضروري العمل على فهم هذه الظاهرة ومعالجة أسبابها بطرق شاملة، من أجل الحفاظ على مجتمع آمن وعادل. التعاون بين الأفراد، المؤسسات التعليمية، والمنظمات المجتمعية يمكن أن يسهم في خلق بيئة تعزز السلم وتقلل من مظاهر العدوانية.

فلنصلح الإنسان العدواني المقهور قبل فوات الأوان!