إشكالية تسقيف السن لولوج مباريات التعليم وتداعياته على الشباب

إشكالية تسقيف السن لولوج مباريات التعليم وتداعياته على الشباب

يُعدّ قرار تحديد سقف للسن الأقصى للترشح لمباريات ولوج مهنة التعليم في المغرب من القضايا التي أثارت جدلاً واسعًا واستياءً كبيرًا في أوساط الشباب المغربي، خاصةً حاملي الشهادات. هذا القرار، الذي يحدد غالبًا سن الثلاثين كحد أقصى للقبول، يفتقر إلى الحجج المقنعة والدعم الشعبي، وتترتب عليه انعكاسات سلبية وخيمة على وضعية الشباب ومستقبلهم.

غياب الحجج الدامغة والدعم الشعبي

إن تسقيف السن لولوج مباريات التعليم يفتقر إلى أي أساس منطقي أو علمي يدعمه. فالمعيار الحقيقي للكفاءة في مهنة التدريس يجب أن يرتكز على المؤهلات الأكاديمية، القدرات التربوية، والشغف بالمهنة، وليس على العمر. ولا يوجد أي تصويت شعبي أو استبيانات عامة تدعم هذا القرار، مما يجعله يبدو كإجراء إداري بحت لا يراعي تطلعات واحتياجات الفئة المستهدفة.

معيار السن: معيار غير موثوق به

إن اعتبار السن معيارًا موثوقًا به لتحديد الأهلية للتدريس أمر غير دقيق. فقدرة الفرد على العطاء والابتكار والتطوير لا ترتبط بسنه بقدر ارتباطها بمهاراته وخبراته وقدرته على التكيف مع التحديات الجديدة. هناك العديد من الكفاءات الشابة التي قد تتجاوز الثلاثين عامًا لأسباب مختلفة (مثل استكمال الدراسات العليا، أو الظروف الاجتماعية والاقتصادية)، وتملك من المؤهلات والخبرات ما يجعلها مؤهلة تمامًا لممارسة مهنة التدريس بكفاءة عالية.

غياب البدائل وتفاقم مشكلة البطالة

أحد أبرز انعكاسات هذا القرار هو إقصاء فئة كبيرة من الشباب المؤهلين من فرصة ولوج قطاع التعليم، دون توفير بدائل حقيقية لهم. في ظل معدلات البطالة المرتفعة التي يعرفها المغرب، يساهم هذا الإجراء في تفاقم الأزمة ويحرم آلاف الشباب من آمالهم في الحصول على وظيفة مستقرة. إن الأعداد المحدودة المطلوبة لمن هم دون الثلاثين لن تساهم بأي شكل من الأشكال في فك مشكلة البطالة المستفحلة بين حاملي الشهادات. لذا، لا بد من إيجاد حلول واقعية وشاملة تراعي هذه الأوضاع الصعبة.

ضرورة تحقيق تكافؤ الفرص

يجب أن تكون مباريات التعليم مبنية على مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع حاملي الشهادات، بغض النظر عن الكلية أو المؤسسة التي تخرجوا منها. سواء كانوا من خريجي كلية علوم التربية، المدرسة العليا للأساتذة، المدرسة العليا للتربية والتكوين، كليات الآداب والعلوم الإنسانية، أو غيرها، يجب أن يخضع الجميع لنفس المعايير التقييمية العادلة التي تركز على الجدارة والكفاءة فقط. إن هذا التمييز في شروط القبول بناءً على العمر أو حتى نوع الشهادة قد يؤدي إلى شعور بالإحباط والظلم لدى فئات واسعة من الشباب.

دعوة للتدخل الملكي ومراجعة القرار

نظرًا لخطورة هذه الإشكالية وتداعياتها السلبية على مستقبل الشباب واستقرارهم الاجتماعي، فإننا نطالب بضرورة التدخل الملكي السامي للنظر في هذا الملف وإعادة مراجعته بشكل عاجل. كما ندعو رئيس الحكومة إلى فتح حوار جاد ومسؤول مع ممثلي الشباب المتضررين والنقابات التعليمية والخبراء، بهدف إيجاد حلول جذرية تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. يجب تجاوز التعقيدات الإدارية ومراسلات الحكومة التي غالبًا ما تتباطأ في الاستجابة لمطالب الشباب، والانتقال إلى حلول عملية وواقعية تفتح آفاقًا جديدة أمام جميع الكفاءات الشابة الراغبة في خدمة قطاع التعليم ببلادنا.