أظن بأن المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، والذي يعرف اختصاراً بتسمية "الكوركاس"، تم إحداثه في عهد الملك محمد السادس مطلع بداية سنة 2006، ليكون لجنة استشارية للحكومة المغربية بشأن منطقة الصحراء وتنميتها، وأيضا من أجل التفاوض مع جبهة البوليساريو، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية المغربية. ومن بين الأهداف الرئيسية الذي دعت المملكة المغربية إلى تشكيل «الكوركاس»، هي تقوية الجبهة الداخلية، وإعطاء المجلس الاستشاري صلاحيات واسعة للترافع عن قضية المغرب الأولى، خاصة المبادرة المغربية للحكم الذاتي والترويج لها وطنيا ودوليا. وقد أسندت رئاسة المجلس الملكي الصحراوي لشخصية وطنية كبيرة، مرموقة ومثقفة لها تاريخ وإرث كبير بالمنطقة، وهو الوزير السابق ورئيس مجلس بلدية العيون السابق خليهن ولد الرشيد.
ما يمكن تأكيده أن المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية لم تعط له صلاحيات واسعة، لكي يمارس مهامه التي أسّّس من أجلها، ولم تفعل اللجان لكي تعمل. فهناك إكراهات عديدة منها ما هو تقني، وما هو مادي، والتي حالت أغلبها دون أداءه وبلوغ أهدافه المرجوة. وعلاوة على ذلك فإن صناع القرار السياسي بالرباط، يريدون أن يبقى الكوركاس مفعولا به وليس فاعلا رئيسيا في ملف الصحراء المغربية، مما جعل خصوم الوحدة الترابية يقولون بأنه ولد ميتا.
لقد حان الوقت اليوم لإعادة هيكلة المجلس الملكي الاستشاري لتجاوز أعطاب المرحلة السابقة، وضخّ دماء شابة وطنية، لها تكوين علمي محترم، ومشهود لها بالكفاءة والنزاهة، قادرة على التفاوض والدفاع عن الوحدة الترابية للملكة.
ومن أجل تطوير عمل المجلس مستقبلا وتجديد نخبه، لابد من منحه صلاحيات واسعة، وأن تكون هناك ثقة كبيرة وحسن نية للدفاع عن المقدسات العليا للبلاد، خاصة القضية الوطنية الأولى للمغاربة، دونما معزل عن أهداف النموذج التنموي الجديد، حتى تجعل الصحراء المغربية مناطق جذب، تحسب لصالح المغرب، عكس مناورات أعداء الوحدة الترابية.
هذه كلها عوامل رئيسة من أجل تقية الموقف والمغربي والترافع عن قضية الصحراء المغربية، في ظل المرحلة الراهنة التي تمر بها القضية الوطنية، حيث صار أمرا ملحّا وضرورة حتمية للانفتاح على النخب الشابة والعمل على دورانها بشكل سليم، مما سيقوي الطرح المغربي مستقبلا، ويساهم في الدفاع عن المبادرة المغربية للحكم الذاتي، فتجديد هياكل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية مرتبط بإرادة جلالة الملك محمد السادس، عندما تكون هناك ضرورة ملحّة لذلك.