جمال المحافظ: المغرب 2030.. فرصة لتأهيل الإعلام

جمال المحافظ: المغرب 2030.. فرصة لتأهيل الإعلام جمال المحافظ

في الوقت الذي تتباين الآراء وسط الصحافيين وهيئاتهم التمثيلية، وأيضا ما بين الأغلبية والمعارضة بالبرلمان حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة المعروص حاليا للمناقشة، أمام لجنة التعليم والثقافةوالاتصال بمجلس النواب، صادق، هذا الأخير الثلاثاء 15 ماي 2025، بسلاسة كبيرة، وفي ظرف ومني وجيز على  احداث "مؤسسة المغرب 2030"  التي تهدف إلى  إعداد وتنظيم جميع هذه التظاهرات الدولية بالمغرب، وضمان التنسيق فيما بين مختلف المتدخلين، وتتبع تنفيذ مختلف الالتزامات لمختلف المؤسسات، وفق دفتر تحملات الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا ) وتعزيز صورة المغرب، عبر الحرص على تنسيق مختلف الحملات التواصلية.

"مؤسسة المغرب 2030" التي هي هيئة ذات نفع عام لا تسعى لتحقيق الربح، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، الى تقديم مختلف أوجه الدعم والمواكبة لمختلف الأجهزة والجهات، وأن هذه المؤسسة، تتألف من مجلس تنفيذي وآخر استشاري، ولجنة للتدبير الترابي يترأسها وزير الداخلية كما قال الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أمام جلسة تشريعية عمومية أمام مجلس النواب .

ويترأس المجلس التنفيذي للمؤسسة الذي يضم ممثلين عن السلطات الحكومية والوزارية، "رئيس لجنة كأس العالم 2030 "، ويتكلف مجلس المؤسسة التي تتوفر على مدير عام بالمصادقة على البرامج السنوية للمؤسسة.  كما تتضمن مجلسا استشاريا يتألف من ممثلين عن القطاع الخاص ومغاربة العالم والمجتمع المدني، فضلا عن ممثلين عن كرة القدم المغربية، وكفاءات إفريقية، إلى جانب الفعاليات التي بإمكانها أن تقدم إضافة لهذه المشاريع. وينضاف هذا المجلس إلى لجنة للتدبير الترابي، يترأسها وزير الداخلية، وتختص بتنسيق الالتزامات على المستوى الترابي.

 

موقع الإعلام

وفضلا عن ما انيط بهذه المؤسسة الجديدة من مهام تتعلق بتوفير البنية التحتية،  فإنه من المفيد تتولى الانشغال بمجالات الثقافة والاعلام لدورهما في تثمين الجوانب الحضارية والثقافية والفكرية للبلاد، خاصة وأن التظاهرات الدولية الكبرى، تعرف منافسة إعلامية شرسة،  خاصة في المونديال 2030 الذي لن تتعدى كل واحدة من مباريات كرة القدم به ساعتين في أقصى الحالات.

 وهذا ما يجعل من الضروري الوعي بأهمية الدور الذي تضطلع به الثقافة والاعلام، ما يتطلب فتح آفاق واسعة للتعريف بتاريخ وحضارة المغرب وثقافته وإبراز التنوع الفكرى والحضاري الذي تزخر به البلاد علاوة على نقل التعبيرات المختلفة لجمهور كرة القدم القادم بعاداته وتقاليده وخصوصياته من مختلف القارات، وهو ما يقتضي العمل به منذ الآن، خاصة بعد احداث " مؤسسة المغرب 2030 " بإعداد استراتيجية شاملة من بين مهامها تأهيل الإعلام الوطني، باعتباره قطاعا حيويا حتى يكون بمقدوره التعاطي مع مونديال فيفا بالمغرب واسبانيا والبرتغال، بأسلوب احترافي يستحضر الأبعاد التنظيمة والأمنية والحقوقية. لكن كل هذا لن يتحقق بالشكل المطلوب بدون فتح ورش التكوين في الصحافة والاعلام.

فالصحافة الرياضية، أضحت حقلا إعلاميا قائم الذات يستأثر باهتمام واسع من لدن الرأي العام، وأصبح يشكل استثمارا بالغ الأهمية، وهو ما يتطلب، والمغرب على بعد سنوات قليلة من احتضان كأس العالم لكرة القدم بمعية اسبانيا والبرتغال،  وتحديث التصورات وتطوير الأداء الإعلامي المهني، بجعله يتلاءم مع تحديات ورهانات مونديال سنة 2030. ومن هذا المنطلق يمكن ل"مؤسسة المغرب 2030 "، أن تبلور مشاريع فعالة بتنسيق والتعاون مع كافة الهيئات المعنية بالشأن الإعلامي والثقافي ، مع الاستعانة بخبراء مغاربة ودوليين، خاصة من اسبانيا والبرتغال لتجربتهما  في مجال الاعلام الرياضي.

 

نظرة نمطية

 وإذا كانت الصحافة الرياضية، تعرف على المستوى العالمي، تطورا متناميا، يفوق في كثير من الأحيان التخصصات الأخرى في مجال الاعلام، من صحافة سياسية واقتصادية وثقافية، فإنها ظلت  على المستوى الوطني – كما هو شأن الاعلام بصفة عامة- في وضعية دون مستوى التطلعات والرهانات على المستوى الوطني، إذ يلاحظ أن الاعلام الرياضي الوطني، يعاني من نظرة نمطية سلبية، ومن الهشاشة والنقص في التكوين، مع ضعف في منسوب الالتزام بقواعد أخلاقية المهنة.

ورغم بعض المجهودات المبذولة والمتناثرة هنا وهناك- ظل هذا التخصص الإعلامي في مجال الرياضة،  يعاني من اختلالات ومشاكل مركبة، منها الذاتي والموضوعي، تجعل من الصحافة الرياضية الوطنية، لحد الآن قاصرة عن تقديم صورة متكاملة، عن النتائج التي يحققها الرياضيون المغاربة خاصة في كرة القدم.

 

صحوة إعلامية

لذا أصبح من الضروري البحث عن السبل الكفيلة  بجعل الصحافة الرياضية المغربية، ترتقي الى المستوى المنشود، حتى تشكل بداية لتحول ملموس، يؤهلها للإنخراط بجدية في أوراش مونديال 2030 وبداية من بطولة افريقيا للأمم في كرة القدم التي تحتضنها المملكة ما بين 21 دجنبر 2025 و18 يناير 2026 ، والتي يمكن تحويلها إلى "بروفة"  لكأس العالم.  

لقد أضحت الرياضة وفي مقدمتها كرة القدم، تشكل قوة ناعمة، بالغة التأثير، وهو ما يتطلب بالنسبة للمغرب صحوة إعلامية بالتوفر على اعلام مهني محترف، يستند على رؤية واضحة المعالم، فضلا عن تطوير المهارات وتعزيز القدرات الإعلامية في مختلف المجالات متعددة، مما قد يفتح آفاقا جديدة، ويشكل فرصة حقيقية للارتقاء بمستوى ليس الصحافة الرياضية ولكن الاعلام بصفة عامة.

وفي ظل ما تشهده البيئة الرقمية انعكاسات وتأثيرات على الممارسة الصحافية والاعلامية، يبقى مطروحا الاستفادة  من ايجابيات الذكاء الاصطناعي والتحديات التي يطرحها على هذه المهنة ، باعتماد مقاربة متجددة في التعامل مع ورش الإعلام.فالتكوين واستكماله، يعد مسألة مهمة، من أجل ربح رهان المواكبة الإعلامية لحدث المونديال الكوني الذي ستسلط عليه الأضواء من كل حدب وصوب، وهو ما يتطلب تجويد الممارسة الصحفية، حتى يتمكن الإعلام الوطني، من أن يكون مصدرا للأخبار والمعطيات المتعلقة بكل ما يروج حول مونديال 2030  التظاهرة الرياضية العالمية التي تجمع بين القارتين الافريقية  والأوربية.

وغني عن التذكير بأن الصحافة تعد فاعلا مهما في مواكبة مختلف الأحداث وكذلك الترويج لمختلف البرامج والمشاريع. وعلى هذا الأساس، ينبغي للإعلام، أن تلعب دورها كاملا، في كأس العالم لكرة القدم 2030، مع العمل على  إدماجها في هذا الحدث للمساهمة  في انجاح هذه التظاهرة الرياضية الكبرى . كما أن الإعلام الثقافي، مطالب بدوره - كما هو شأن الاعلام - بأن يجعل من كأس العالم فرصة للتعريف بالتنوع الثقافي بالمملكة، والعمل على تحويل هذه التظاهرة الرياضية إلى حدث ثقافي كبير، يبرو فيه  الثقافات الأخرى.

فالتحديات كثيرة ومتعددة، وهي لا تقتصر على ماهو مادي وتنظيمي، ولكن كذلك بالجوانب الا مادية، ذلك لأن رهان تنظيم كأس العالم في كرة القدم سنة 2023، لا يقف عند حدود توفير البنيات التحتية اللازمة لمن أجل تنظيم المونديال، على أهميتها وخطورتها وكلفتها، ولكن للإعلام، لما له من أهمية قصوى في ضمان نجاح هذه التظاهرة الكروية العالمية أمام العالم، لأن الاعلام، من بين  المداخل الرئيسة لتسويق صورة المغرب الحضارية، وهذا ما يمكن ل"مؤسسة المغرب 2030 " أن تشتغل عليه من الآن في أفق مونديال 2030.