جمال الدين ريان: من الشباك الوحيد إلى النموذج الهجين.. إعادة تصور العلاقة مع مغاربة العالم

جمال الدين ريان: من الشباك الوحيد إلى النموذج الهجين.. إعادة تصور العلاقة مع مغاربة العالم جمال الدين ريان
تقديم خدمات فعالة وملائمة لمغاربة العالم يقتضي اعتماد نموذج إداري وتنظيمي ذكي ومتكامل يأخذ بعين الاعتبار تنوع الحاجيات وتعدد الأوضاع وظروف العيش والعمل في بلدان الإقامة. في هذا السياق، يطرح النقاش حول الطريقة المثلى لتشغيل المؤسسات الموجهة لمغاربةالعالم، وهل من الأفضل اعتماد نظام "الشباك الوحيد" أم اعتماد مجمع للإدارات في فضاء واحد. غير أن هذا الطرح الثنائي لا يجب أن يُنظر إليه من زاوية المفاضلة النظرية، بل من زاوية نجاعة التنفيذ ومرونة الاستجابة لانتظارات مغاربةالعالم. فالشباك الوحيد، رغم بساطته الظاهرة، يشكل حلاً مغريًا لما يوفره من سهولة في الوصول إلى الخدمات عبر نقطة موحدة، مما يقلل من التنقل والانتظار ويمنح المستفيد شعورًا بالبساطة والوضوح في المساطر، غير أن التطبيق العملي لهذا النموذج يتطلب موارد بشرية مؤهلة، ونظامًا رقمياً متطورًا، وقدرة عالية على التنسيق بين الإدارات لضمان معالجة فعالة دون اختناقات أو ارتباك. في المقابل، فإن تجميع الإدارات في فضاء واحد دون توحيد المسار قد يضمن التخصص ويقلل من الضغط على نقطة واحدة، لكنه قد يعيد إنتاج التعقيد البيروقراطي بأسلوب جديد، خصوصًا إذا غاب التنسيق وتعددت النوافذ وتناقضت التوجيهات. لذلك، فإن المقاربة الأنجع ليست في تبني أحد النموذجين بمعزل عن الآخر، بل في خلق نموذج هجين متكامل يتأسس على شباك رقمي موحد مفتوح على مدار الساعة، يمكّن مغاربة العالم من الولوج إلى معظم الخدمات عن بعد، ويتكامل مع فضاء إداري ميداني يُعنى بالمعالجات الخاصة أو الاستثنائية التي تتطلب حضورًا شخصيًا. هذا النموذج يجب أن يُبنى على رؤية رقمية متقدمة، تتوفر على واجهة تفاعلية، ونظام متابعة وتتبع للملفات، مع موارد بشرية مدرّبة على التعامل مع خصوصية كل حالة. إلى جانب ذلك، فإن الاستماع الدائم لنبض مغاربة العالم واحتياجاتهم عبر آليات تشاركية واستشارية يمثل شرطًا أساسيًا لإنجاح أي منظومة خدمية موجهة لهذه الفئة التي تمثل امتدادًا طبيعيًا للوطن، وحلقة وصل حيوية بين المغرب والعالم. بهذا التصور المتكامل والمرن، يمكن خلق المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج تكون في مستوى التطلعات الملكية ، وتؤسس لعلاقة جديدة بين الدولة ومواطنيها المقيمين بالخارج، قوامها الثقة، والفعالية، والعدالة في تقديم الخدمة.