نظمها المرصد المغربي لنبذ الإرهاب: دورة تكوينية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان

نظمها المرصد المغربي لنبذ الإرهاب: دورة تكوينية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان جوانب من التكوين
في سياق تعزيز مشاركة الشباب في قضايا الشأن العام وترسيخ مبادئ المواطنة الفاعلة، وضمن تنزيل برنامجه السنوي، نظم المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف، يوم الأحد 29 يونيو الجاري، دورة  تكوينية نوعيةً تحت عنوان: "قضايا المساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان: من الوعي إلى الممارسات المدنية"، وذلك بمدينة الدار البيضاء.

وفي هذا السياق، عرفت هذه الدورة، التي تنضوي ضمن مشروع "تمكين الشباب حول آليات الترافع"، مشاركة نوعية وكمية لعدد من الفاعلين الشباب وممثلي منظمات المجتمع المدني، إلى جانب نخبة من المؤطرين المتخصصين في مجالات التكوين المدني، وآليات الترافع، ومبادئ حقوق الإنسان، حيث تميزت الورشات بجلسات تفاعلية عميقة ركزت على الانتقال من مستوى الوعي النظري بقيم المساواة والحقوق، إلى ممارسة مدنية قائمة على الفعل الديمقراطي والترافع المؤسساتي.
تم رفع الستار عن الدورة بكلمة ترحيبية قدّمها محمد قمار رئيس المرصد المغربي لنبذ الإرهاب و التطرف الذي أكد على أهمية الاستثمار في قدرات الشباب، ليس فقط بوصفهم فاعلين في المستقبل، بل باعتبارهم شركاء حاليين في بناء مجتمع ديمقراطي تعددي، مشددا على أن التكوين الحقوقي والترافعي يمثل اليوم مدخلاً أساسياً لمواجهة التحديات التي تطرحها التحولات القيمية والمجتمعية، وانتشار خطاب الكراهية والتطرف العنيف.

وفي الصدد ذاته سلط رئيس الدورة عبد السلام نشيط على أن المرصد المغربي، منذ تأسيسه، جعل من الوقاية من التطرف عبر التربية على المواطنة والديمقراطية أحد مرتكزاته الأساسية، مضيفاً أن هذه الدورة تندرج ضمن سلسلة من اللقاءات التأطيرية التي يسعى المرصد من خلالها إلى مأسسة ثقافة الترافع المدني ونقلها من النخبة إلى الفئات الشبابية الأكثر احتكاكاً بتحديات الواقع اليومي.

وجدير بالذكر أن المشاركين  توزعوا بعد الجلسة الافتتاحية على ورشات تفاعلية أطرها خبراء في الترافع والقيم الحقوقية والدينامية  المدنية المساواتية،  ومقاربة حقوق الإنسان، حيث تم تناول موضوعات مركزية من قبيل، مفهوم المواطنة الحاضنة للتنوع، وأشكال التعبير المدني السلمي وآليات الترافع أمام المؤسسات العمومية والمنتخب، التمييز بين المساواة القانونية والإنصاف الاجتماعي، ودور الشباب في الرقابة المواطِنة وتتبع السياسات العمومية.

ويذكر أن الورشات ركزت  على ضرورة التمكين القانوني للشباب، وتعزيز معرفتهم بالنصوص الوطنية والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وتحديداً الفصل 19 من الدستور المغربي الذي ينص على المساواة الكاملة بين النساء والرجال، والعهود الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب.

تفاعلت المشارِكات والمشاركون مع محاور التكوين من خلال نقاشات غنية عكست وعياً نقدياً متقدماً لدى فئة الشباب، وحرصاً على تجاوز التلقين النظري نحو بلورة مبادرات مدنية ملموسة في الأحياء والمدارس والجمعيات. وقد أكد العديد من الحضور على الحاجة الملحة إلى فتح قنوات الحوار بين الشباب والمؤسسات، ومأسسة الترافع المدني كوسيلة دستورية لحماية الحقوق وانتزاع المطالب.

وسلط المشاركات و المشاركون الضوء على أهمية الانتقال من الخطاب النظري إلى المبادرة الميدانية، من خلال إنشاء فرق عمل شبابية محلية تتولى رصد الاختلالات المجتمعية، واقتراح الحلول بصيغة مذكرات ترافعية موجهة إلى المسؤولين، في انسجام تام مع مقتضيات دستور 2011 الذي كرّس الديمقراطية التشاركية كأحد أعمدة النظام السياسي المغربي.

أكد المنظمون في ختام التكوين أن المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف سيواصل تنفيذ برنامجه السنوي الذي يتضمن سلسلة من الدورات التكوينية، واللقاءات التحسيسية، والمبادرات الميدانية، التي تستهدف تعزيز قدرات الفاعلين الشباب في مختلف جهات المملكة، مع التركيز على الوقاية من خطاب التطرف والتكفير، وتحفيز الحس النقدي، ومواكبة مبادرات التغيير السلمي.

وفي هذا السياق، صرح ذ. خالد أخازي  المستشار  الإعلامي للمرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف بأن "المرصد يعمل بمنطق الاستباق الوقائي، لا الزجر العقابي، وينطلق من قناعة مفادها أن التطرف لا يُواجَه فقط عبر الأمن، بل عبر بناء الإنسان الحر المسؤول"، مضيفاً أن المعركة الحقيقية اليوم هي "معركة وعي وتنشئة وتراكم، لا معركة لحظة أو رد فعل ظرفي".

اختتمت الدورة التكوينية بإصدار مجموعة من التوصيات، أهمها: إدماج التكوينات في حقوق الإنسان وآليات الترافع ضمن البرامج السنوية لدور الشباب والمدارس، دعم المبادرات الشبابية التي تعتمد على مقاربات تشاركية وترافعية بدل المقاربات الاحتجاجية العنيفة، تقوية الشراكات بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات المنتخبة في مجال تكوين الفاعلين الشباب، نشر أدلة مبسطة حول القوانين الوطنية والدولية الخاصة بالمساواة وحقوق الإنسان، مع ضرورةخلق شبكات شبابية جهوية للترافع حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.

بهذه الدينامية، يواصل المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف بناء لبنات مجتمع أكثر وعياً ومشاركة وتسامحاً، في مواجهة تحديات التطرف والانغلاق، واضعاً الشباب في صلب المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي.