فيلم " المواطن كين "هو فيلم يحكي حياة تشارلز فوستر كين، الشخصية المستوحاة من قصة حياة قطب الصحافة الأمريكي ويليام راندولف هيرست (1863-1951) الذي لجأ إلى قلعة هيرست في نهاية حياته،والكلمة التي نطقها عند وفاته هي rosebud " البرعم".
في بداية الفليم تدخل الكاميرا القلعة التي علقت خارجها لافتة تقول "ممنوع الدخول بدون إذن"، وتنتقل مباشرة بداخل القصر إلى غرفة بها تشارلز فوستر كين على فراش الموت، والذي سينطق بكلمة "Rosebud" ثم يلفظ أنفاسه الأخيرة. بعد ذلك يظهر شريط إخباري يقدم موجزا عن قصة حياة هذا المليونير وقطب الصحافة الذي كان في وقت من الأوقات يتمتع بنفوذ كبير، ثم فقد معظم ثروته خلال فترة الكساد العظيم التي استمرت من عام 1929 حتى أواخر الثلاثينيات، وتحطمت طموحاته السياسية على إثر فضيحة خيانة زوجية، وانهارت إمبراطوريته المالية والعقارية والإعلامية ومات وحيدا في قصره.
سيقوم رئيس تحرير إحدى الصحف لم يعجبه الشريط الإخباري الذي عرض حول حياة تشارلز فوستر كين بتكليف أحد مراسليه بمهمة اكتشاف معنى كلمته الأخيرة "Rosebud ، التي يعتقد أنها حتما تحمل في طياتها سرا مهما في حياته. هل هي اسم مكان ما غير معروف أم لقب امرأة. وفي كل مقابلة يجريها المراسل مع أقارب وأصدقاء وزملاء ومعارف تشارلز فوستر كين القدامى يقدم لنا الفيلم في لقطات استرجاعية ذكريات من الماضي التي تكشف الستار عن حياته، ومنهم زوجته سوزان إلكسندر كين التي صارت مدمنة على شرب الكحول ، ومدير أعماله بيرنشتاين، وصديقه المفضل جيديدييه ليلاند. كما قاده البحث إلى الأرشيف الشخصي لمصرفي تولى تربية تشارلز كين بتكليف من أمه.
من خلال الأبحاث واللقاءات والحوارات التي أجراها الصحفي جيري تومسون يتبين أن الملياردير قطب الصحافة تشارلز فوستر كين عاش طفولته في فقر في ولاية كولورادو قبل اكتشاف منجم ذهب في عام 1871 في مزرعة متواضعة كانت تمتلكها والدته ماري كين التي سترسله ليعيش مع تاتشر الذي كان يدير بنكا، حتى يتمكن من الحصول على تعليم مناسب يؤهله لإدارة ثروة العائلة المكتشفة حديثا. غير أن الصبي الصغير تشارلز الذي كان يلعب ويتزحلق فرحا بزلاجته على الثلج خارج المنزل سيحتج غاضبا عندما يعلم أنه يجب عليه أن يذهب للعيش مع رجل غريب (تاتشر) لايعرفه بعيدا عن والدته ، وسيضرب هذا الأخير بزلاجته ويحاول الهرب.
كبر الطفل تشارلز فوستر كين وأصبح في سن ال 25 ثريا بفضل الثروة التي ورثها عن والدته، وقرر دخول عالم الصحافة وأصبح أحد أقطابها الكبار في الولايات المتحدة بعد أن أحكم السيطرة على صحيفة "نيويورك إنكوايرر" ووظف أفضل الصحفيين. وبالرغم من أنه أبدى في البداية التزاما صارما بأخلاقيات الممارسة الصحفية ولو من على حساب المصالح المالية والتجارية ،فإنه لن يتوانى بعد ذلك عن ممارسات الصحافة الصفراء والإثارة ونشر المقالات الفاضحة والتلاعب بالرأي العام.. ولذلك اعتبر الفيلم من بين الأفلام الهجائية لوسائل الإعلام السائدة أنذاك.
وسيتزوج تشارلز فوستر كين بإيميلي ابنة أحد رؤساء الولايات المتحدة وتصير له طموحات سياسية طمعا في السلطة ، فخاض غمار الانتخابات من أجل الفوز بمنصب عمدة ولاية نيويورك لكن مسيرته السياسية ستنتهي على إثر فضيحة تسريب منافسه على المنصب للصحافة خبر خيانته لزوجته مع مغنية . طلبت منه إيميلي الطلاق وتزوج كين مرة أخرى من المغنية سوزان.
سيحاول عبثا أن يجعل من سوزان مغنية مشهورة ببناء دار للأوبراء خاصة بها لكنها سترغمه على أن يسمح لها أخيرا بالتخلي عن الغناء بعد أن أقدمت على الانتحار وعاشت في عزلة في قصر "اكسانادو " الفاخر قبل أن تتركه الأخرى في ما بعد ليموت وحيدا في قصره الفخم.
حصل المراسل الصحفي من الأشخاص الذين قابلهم من أقارب ومعارف وزملاء وخدم الملياردير وقطب الصحافةتشارلز فوستر كين على تصريحات وشهادات وتصورات تختلف عن بعضها وكل منها لا تصور إلا جوانب معينة من شخصيته وحياته دون أن تقدم أي عنصر يساعد الصحفي جيري تومسون في تفسير لغز الكلمة الغامضة "Rosebud " التي نطقها تشارلز قبل وفاته .
في نهاية الفيلم تعود الكاميرا إلى قصر قلعة "اكسانادو"، حيث تختتم القصة بمشاهد حصر ممتلكات تشارلز فوستر كين في القصر لتصنيفها أو التخلص منها. في خضم هذه المشاهد يعلن الصحفي طومسون تاتشر أنه لم يتمكن حل لغز كلمة " Rosebud" وأنها ستبقى لغزا إلى الابد.
لكن بعد ذلك مباشرة ستكشف الكاميرا للمشاهد أن " Rosebud " هي العلامة التجارية للزلاجة التي كان يتزحلق بها الصبي تشارلز فوق الثلج في اليوم الذي تم فيه أخذه بعيدا عن منزله، حيث ظهرت العلامة التجارية مكتوبة على ظهر الزلاجة عنما ألقى بها أحد خدم القصر في النار لإحراقها إلى جانب العديد من الأشياء الأخرى. تلك الزلاجة التي شكل حرمانه منها بحدة عندما أرغم على مغادرة البيت وهو صغير، صدمة كبرى وحرمانا عاطفيا سيطبعان حياته كلها وسيسعى إلى التعويض عنه من خلال البحث عن الثروة والسلطة والشهرة والنفوذ .
حقق فيلم "المواطن كين " الذي عرض في 1941 شهرة كبيرة واعتبر أكثر أفلام السيرة الذاتية شهرة على الإطلاق وفيلما مرجعيا في تقنية "الفلاش باك" التصويرية وبمثابة ثورة في السينما الروائية. أمامخرجه جورج أورسن ويلز George Orson Welles) ) ،فيعتبر أحد أهم فناني الدراما في القرن العشرين. كان مخرج أفلام ومؤلفا وممثلا ومنتجا عمل في مجال السينما والمسرح والتلفزيون والراديو. وكان يبلغ من العمر 24 عاما عندما تعاقد مع شركة (آر كي أو ) لإنتاج الفيلم، ولم يكن قد أخرج أو مثل في أي فيلم سينمائي من قبل . كما أنه لجأ في الفيلم إلى ممثلين وممثلات لم يكونوا معروفين .
حصل فيلم "المواطن كين" على جائزة الأوسكار لعام 1941 , وصنفه المعهد الأميركي للسينما أفضل فيلم في تاريخ السينما على رأس قائمة المائة أحسن فيلم . وكان بمثابة عمل تجريبي حاد فيه أورسن ويلز عن الأساليب التقليدية للإخراج، وابتكر الكثير من الوسائل الفنية التي تأثر بها العديد من المخرجين بعده. وفضلا عن الإخراج لعب ويلز دور البطولة في الفيلم .كما شارك في كتابة السيناريو إلى جانب هيرمان جي.