من أصل 194 جنسية، هناك 175 دولة لها مواطنون يعملون ويستقرون في مدينة فرانكفورت Frankfurt am Mein.
وإذا كان من الطبيعي أن يكون المغاربة ممثلين ضمن 175جنسية بالعاصمة المالية لألمانيا ولأوربا تابعين للدائرة القنصلية المغربية بهذه المدينة، فالمفاجئ هو أنك لما تلج مطعما لتناول الغذاء، إذا بالمستخدم الذي سيتكلف بك يكون من بني جلدتك.
وهذا ما حدث لي بالضبط اليوم الجمعة 20 يونيو 2025. فبعد اختياري لمطعم إيطالي يسمى Salvatore يوجد بشارع المنظر الجميل Schoene Aussicht، وسط فرانكفورت لتناول الغذاء، حتى صادفت يوسف الصالحي الذي يشتغل بالمطعم المذكور.
سي يوسف الصالحي، المنحدر من الدارالبيضاء (وتحديدا من حي بوركون)، يعد من قدماء مغاربة ألمانيا، إذ تعود هجرته لهذا البلد إلى أواخر التسعينات من القرن العشرين.
حين سألني سي يوسف عن نوع الوجبة التي اخترتها للأكل، قلت له:" ..وهل يفتى ومالك في المدينة. فأنا في الواقع كنت سأقرأ menu وأختار. لكن بما أني في حضرة مغربي ولد بلادي، فإني أترك لك صلاحية أن تختار لي ما تشاء، فحيثما يوجد أي مغربي في العالم توجد داري وأجد راحتي ."
لم يتردد سي يوسف لحظة في التجاوب الصادق، وأجابني:" الشاف ديالنا في المطعم مشهور بطهي سمك الطون وكوتليط العجل. سمك الطون غير متوفر اليوم، وبالتالي أقترح عليك تناول أكلة Kalbs Kottett، أي"كوتليط العجل" ستعجبك كثيرا".
بالفعل أحضر لي "كوتليط العجل" مرفوقا ب "الخس" وشرائح صغيرة من "الفروماج" وطبق "سباغيتي".
ولكي "تكتمل الباهية"، ورغم أن معدتي "تبلوكات" و"تنفخات"، فقد قدم لي سي يوسف الصالحي طبقا من الحلوى الإيطالية، قائلا لي :" مايديها غير زعيم ولا كريم، آخر أيامها موت، كل وربي كبير".
المفاجأة تتجلى في أني لما رغبت في تسديد الفاتورة، رفض سي يوسف رفضا قاطعا بأن أسدد الثمن. ألححت بحضور زملائه بالمطعم، وخاطبني بلهجة واثقة:" أنت في دارك. فهل تسدد الثمن في دارك؟!".
شكرته على نبله وكرمه وتصافحنا على أمل "شي عراضة في كازا أو في المحمدية" حين يزور المغرب في عطلته السنوية.
فتحية لكل مغاربة العالم أينما كانوا وأينما وجدوا.