صدر حديثا كتاب "حقوق الإنسان والحريات العامة بين النظرية والتطبيق" لمؤلفه الدكتور عبد الرحيم بوزياني، وهو أستاذ باحث في القانون الدستوري وعلم السياسة، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة ابن زهر - أكادير.
وفي هذا الكتاب يسلط المؤلف الضوء على مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، باعتباره مجالا يكتسي مكانة بالغة الأهمية لدى النقاد المفكرين والباحثين والقانونيين على مر العصور، حيث عقدت بشأنه مجموعة من المؤتمرات ووقعت العديد من المعاهدات والاتفاقيات.
ويعتبر هذا المجال أحد أبرز الموضوعات المثيرة للجدل، سواء على صعيد النظم القانونية الداخلية، أو على صعيد القانون الدولي، فهو نتاج تراكمات تاريخية متتالية ومتعاقبة قطع مراحل عديدة، وفي كل مرحلة أو فترة يأخذ معنى ودلالة محددة تراعي خصوصيتها.
ويشير الكاتب إلى تزايد الاهتمام الدولي بمجال حقوق الإنسان والحريات العامة كرد على الآثار السلبية والمآسي التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، حيث جاء ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 ليكرس أهمية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتلا ذلك إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 ومجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات، والتي أكدت على ضرورة حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والنهوض بها. كما أسهمت الأحكام التي أتت بها الشرائع السماوية والمبادئ التي وضعها مجموعة من المفكرين والمنظرين والفلاسفة في تكريس الاهتمام الدولي بهذه الحقوق والحريات وتطورها على مر العصور والأزمنة.
فضلا عن ذلك، تجسد الاهتمام بحقوق الإنسان والحريات العامة من خلال إحداث آليات وهيئات تعاقدية وغير تعاقدية لحماية هذه الحقوق والحريات وتعزيزها، إضافة لتعزيز الوعي الدولي بأهميتها كقضية عالمية تتعدى الحدود الوطنية، إلى جانب التأكيد على التزام المجتمع الدولي بحماية حقوق الفرد وحرياته الأساسية والتقدم نحو تحقيق المساواة والعدالة. ونتيجة لذلك، التزمت العديد من الدول باحترام حقوق وحريات شعوبها، وحمايتها من أي تضييق بهدف تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي على المستوى الوطني، وتوفير البيئة المناسبة للإبداع وتشجيع المواهب والابتكارات وتكوين جيل مثقف واع بحقوقه وواجباته في إطار دولة الحق والقانون التي تعمل على تكريس الحقوق والحريات، وتحدد شروطها وقواعدها بموجب دساتيرها وقوانينها التي تجعل من ممارسة الحريات العامة هي الأصل وما الحق إلا وسيلة لممارسة الحرية بصورة منظمة في إطار النصوص التشريعية والتنظيمية.
وأبرز مؤلف الكتاب أن المملكة المغربية تعد في مقدمة الدول التي راكمت مكتسبات مهمة في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بالنظر إلى حجم الإصلاحات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية التي تم إطلاقها بفضل الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس، من أجل حماية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والنهوض بها. فالمستجدات التي تضمنها دستور 2011 عززت حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بالمغرب، ودسترت عددا من هيئات حقوق الإنسان والنهوض بها. علاوة على ذلك شكلت التزامات المملكة المغربية في مجال حقوق الإنسان، على المستوى الدولي، امتدادا للدينامية الوطنية في مجال تعزيز الديمقراطية ودولة الحق والقانون؛ كما أنها تكرس تشبث المغرب الراسخ بالقيم العالمية للمساواة بين الرجل والمرأة، والتعددية، والاعتدال، والتسامح، والتعايش السلمي، والحوار بين الحضارات والثقافات والديانات.
وبناء عليه، تمن مقاربة موضوع حقوق الإنسان والحريات العامة من خلال فصلين:
الفصل الأول، يخصص للإطار المفاهيمي والتاريخي والروحي والفكري كما يتطرق إلى التقنين الدولي والمؤسساتي لحقوق الإنسان والحريات العامة.
الفصل الثاني، يتناول التجربة المغربية في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة.