أريري: فرانكفورت وقربان الخميس.. تناول الخبز واشرب النبيذ لتضمن حياة أبدية!

أريري: فرانكفورت وقربان الخميس.. تناول الخبز واشرب النبيذ لتضمن حياة أبدية! أريري في مشهد بساحة Romerberg، أقدم ساحة بفرانكفورت، وفيها مقر قصر البلدية الذي احتضن اليوم احتفالات "عيد جسد المسيح".
رغم أن مدينة فرانكفورت مشهورة بالصخب بسبب ضخامة وكثافة التنقلات داخل مجالها كل يوم، بحكم أنها العاصمة المالية والخدماتية ليس لألمانيا فحسب بل لأوربا ككل، فإن كل مرافق فرانكفورت Frankfurt am Mein اليوم كانت معطلة. 
 
فاليوم (الخميس 19 يونيو 2025)، هو أقدس يوم ديني عند المسيحيين الألمان، حيث تتعطل المدارس والأبناك والمرافق الإدارية وتغلق المحلات التجارية ومراكز التسوق، للاحتفال بعيد Fronleichnan ( أي عيد جسد المسيح أو عيد خميس الجسد الإلاهي حسب الولايات الألمانية).
 
ورغم أن هذا العيد الديني ( يحتفل به بقوة بسوسيرا وألمانيا أكثر من باقي الدول المسيحية)، لا يستذكر حدثا بارزا لحياة المسيح "الأرضية"، فإنه يوم يحرص فيه الألمان على قرع الأقداح احتفالا (حسب قناعاتهم) بالحضور الحقيقي والدائم لكلمة الله في "سر القربان المقدس" الذي يتجلى في "الخبز والخمر".
 
وإذا كانت كل المرافق الإدارية والتجارية والمصرفية والتعليمية معطلة اليوم، فإن سكان مدينة فرانكفورت "يزحفون" فرادى وجماعات على المطاعم الكثيرة المنتشرة بالمدينة لتناول الخبز المحلي والنبيذ المحلي المشهور باسم "APFELWEIN"( وهو خمر يستخرج من التفاح وتشتهر به مدينة فرانكفورت). وهو ما يساهم في رفع رقم معاملات 2400 مطعم مصنف موجود بالمدينة. مما يجعل من فرانكفورت المدينة الأكثر احتضانا للمطاعم بالتراب الألماني.
 
صحيح أنه من ناحية الكم نجد في المرتبة الأولى مدينة برلين (6600 مطعم)، ومدينة هامبورغ (4400 مطعم)، ومدينة ميونيخ (3800 مطعم)، بينما فرانكفورت لا تضم سوى 2400 مطعما. لكن على مستوى المقارنة بين عدد سكان المدينة ونسبة المطاعم بها، نجد فرانكفورت هي أول مدينة من حيث العدد، لأن هناك مطعما لكل 312 نسمة(المدينة يقطنها 750 ألف نسمة، أي تقريبا نفس عدد سكان مقاطعة الحي الحسني بالبيضاء!!) في حين تصل النسبة في برلين إلى مطعم لكل 571 نسمة، وفي في هامبورغ (542 نسمة)، وفي ميونيخ (450نسمة). مما يجعل من قطاع المطاعم أحد الروافد الأساسية في التشغيل وفي تنشيط قطاع الترفيه بالمدينة، فضلا عن ضخه موارد جبائية مهمة للخزينة العامة.
 
تم وهذا هو الأهم، ينهض قطاع المطاعم وارتيادها بقوة من طرف سكان فرانكفورت، كمؤشر على رفاه ورغد العيش لمعظم ساكنتها، بشكل جعل فرانكفورت من المدن الألمانية التي تعرف ارتفاعا في مستوى المعيشة لكون معظم الوظائف بالمدينة هي وظائف بنكية ومالية وخدماتية عالية تستقطب كفاءات وأطر تتقاضى أجورا عالية، ينفق جزء منها اليوم على "الخبز والخمر" طمعا في أن ينالوا جميعا قوة وقداسة وحياة أبدية؛ يدخلون بعدها (حسب معتقداتهم) في سر القربان المقدس "جسدا ودما وروحا ولاهوتا".
 
 
 
عبد الرحيم أريري في مشهد بشارع Zeil، أشهر شارع تجاري بفرانكفورت وبألمانيا، الذي خلا من زواره اليوم بسبب إغلاق المحلات التجارية المصطفة على طول 1،2 كلم والتي تحقق رقم معاملات يسيل اللعاب (يفوق مليار ونصف المليار أورو في السنة)