الصديق معنينو: والدي... إلى اللقاء

الصديق معنينو: والدي... إلى اللقاء محمد الصديق معنينو
كلما حل شهر ماي تزداد سنة على رحيل والدي الحاج أحمد معنينو رحمه الله ... وفي كل سنة أعود إلى مراجعة ما خلفه من كتب وذكريات ومذكرات فيتجلى ذلك في شعور غريب يفرحني برؤيته في المنام..... كان دائم الابتسامة ... يحادثني ويلاطفني وغالبا ما كنت أستفيق ليلا وقد تبللت عيناي.....

الوفاء
كان الحاج أحمد من طينة فريدة مزيج من الروح الجهادية والحياة الوطنية... كان غنيا بمبادئه وأفكاره، صلبا في قناعاته ومقترباته، لا يقبل أنصاف الحلول، عنيداً في دفاعه عن المظلومين والمستضعفين ملتزماً في صف الفقراء والمحرومين وفيا لأصدقائه ومبادئه.

الزاوية
كان بيت الوالد مشرع الأبواب زاوية» يقصدها من ضاقت به السبل وانسدت أمامه الآفاق، وشعر باليأس والقنوط، كان مضيافاً وكريما.... كنت أهابه دون أن أخشاه أحترمه إلى حد بعيد، أناقشه فأختلف معه أحيانا، ونفترق وكل منا مصر على موقفه..... وعند وداعه كنت أقبل يده ثم جبينه راجيا رضاه.... كان بالنسبة لي الأب والأخ والصديق.

حرية الصحافة
كان الحاج أحمد من الرعيل الأول للحركة الوطنية... حاضراً سنة 1930 في المسجد الأعظم بسلا في قراءة اللطيف احتجاجاً على محاولة المستعمرين التفريق بين المغاربة.... كان مشاركاً في أول احتفال بعيد العرش سنة 1933، بل كان عضواً في لجنة الإعداد.... كما كان حاضراً عند مطالبة الحركة الوطنية بالإصلاح ..... سنة 1934 بإعداد وثيقة مطالب الشعب المغربي وسنة 1936 بتقديم وثيقة المطالب المستعجلة للشعب المغربي.... قاد سنة 1936 أول مظاهرة للمطالبة بحرية الصحافة، كما قام بقيادة مظاهرة لإغلاق محلات بيع الخمر بمدينة سلا، وفي هاتين المناسبتين تم اعتقاله وسجنه.

المنفي
نفي تسع سنوات قضاها في شمال المغرب بين تطوان وطنجة، وعاد ليفتح مدرسة حرة للبنات وجاءت لتدشينها بسلا الأميرة للاعائشة كريمة الملك المجاهد محمد الخامس...

وعند اختطاف الملك الشرعي، في 20 غشت 1953 ، أعتقل الحاج أحمد الخامس مرة تحت الحماية، لكن هذه المرة سيتابع أمام المحكمة العسكرية الفرنسية بتهمة «الإرهاب» !

المؤسس
كان من مؤسسي الحركة القومية التي ستتحول سنة 1946 إلى حزب الشورى والاستقلال، وكان عضوا في المكتب السياسي، بهذه الصفة، اختاره محمد الخامس عضواً في المجلس الوطني الاستشاري» حيث قاد المعارضة الديمقراطية، واختاره عضواً في مجلس الدستور حيث أعلن انسحاب الشورى في عضويته.

ظلم وتعذيب
لازم بيته وعكف على التأليف وترك خمسا وعشرين مؤلفاً منها على الخصوص أحد عشر جزءاً من مذكرات غنية وكثيفة المعلومات تحت عنوان ذكريات ومذكرات كما ترك كتبا تتحدث عما تعرض له حزب الشورى والاستقلال من ظلم واختطاف وتعذيب منها.... المؤلف الأول حول المعتقل الرهيب في جنان بريشة بضواحي تطوان ثم مؤلفا آخر حول كوميسارية «الساتيام» بالدار البيضاء.

المجاهد
إلى جانب عدد من الأوسمة الملكية، حصل على جائزة المغرب للكتاب سنة 1992 وتسلمها من صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سيدي محمد... وبمناسبة الذكرى العاشرة لوفاته (توفي يوم أحد 11 ماي (2003) ألفت كتاباً من خمسمائة صفحة حول حياته ومسيرته الوطنية وهو بعنوان «الحاج أحمد معنينو... المجاهد».

إلى اللقاء والدي، لقد انتظرتني طويلا، أنا الآن أفرغ حقائبي وأستعد لعناقك ... إلى اللقاء.
 
ولي العهد الأمير سيدي محمد يتوج الحاج أحمد معنينو بجائزة المغرب للكتاب سنة 1992