في خطوة اعتُبرت في ظاهرها إيجابية، استقبل وزير الصناعة والتجارة مؤخرًا ممثلي التنسيقية الوطنية للمنظمات المهنية الأكثر تمثيلية، في لقاء وُصف بـ"الحواري" و"التشاوري"، يفترض أن يندرج ضمن مجهودات الوزارة لمعالجة الإكراهات التي تُثقل كاهل التجار الصغار والمهنيين بمختلف القطاعات.
التنسيقية قدمت، خلال هذا اللقاء، ملفًا متكاملًا يتضمن تشخيصًا دقيقًا لواقع القطاع، إلى جانب مقترحات عملية وميدانية من شأنها تخفيف الضغط عن المهنيين وتحسين ظروف عملهم.
وقد شملت أبرز المطالب تصحيح الاختلالات التنظيمية، وتعزيز المواكبة والدعم، وتوفير آليات ناجعة لحماية استقرار التجار وضمان استمرارية نشاطهم.
ورغم الأجواء التي بدت في ظاهرها إيجابية، إلا أن النتائج العملية غابت تمامًا، ولم تصدر عن الوزارة أية قرارات أو خطوات ملموسة تترجم ما نوقش في الاجتماع، مما عزز القناعة السائدة لدى المهنيين بأن الأمر لا يعدو كونه لقاءً بروتوكوليًا تمّ على إثره تدبيج بلاغ صحفي وُزّع على وسائل الإعلام، وانتهى الأمر دون أي أثر فعلي على أرض الواقع.
وقبل عشرة أيام فقط، كنت قد نبّهت إلى أن وزارة الصناعة والتجارة تُمارس تهميشًا ممنهجًا في حق قطاع التجارة، حيث تغيب الرؤية الاستراتيجية لدعم تجارة القرب، مقابل تشجيع الاستثمارات الأجنبية التي تُنافس التجار الصغار في معاقلهم، دون أي توازن يراعي خصوصية هذا النسيج التجاري المحلي الذي يشكّل عماد الاقتصاد الوطني.
إن الواقع يفرض اليوم انتقالًا حقيقيًا من خطاب التطمين إلى إصلاح ملموس، لأن الوضعية الحالية للتجار الصغار والمهنيين تُنذر بمزيد من التدهور في غياب قرارات جريئة تُنصف هذه الفئة، وتُشركها في صياغة السياسات العمومية، بدل الاكتفاء بلقاءات شكلية لا تفضي إلى شيء.
كما أن الاستمرار في تجاهل الأصوات المهنية المنظمة، وغضّ الطرف عن مطالبها الواضحة يُعد إضرارًا بمستقبل قطاعات حيوية، ويُفقد الثقة في مؤسسات يُفترض أن تكون في صف المواطن والمُقاوِل الصغير، لا أن تكرّس تهميشه أو تزيد من هشاشته.
الرسالة واضحة: لا تنمية اقتصادية حقيقية دون إصلاح عميق وشامل لقطاع التجارة، يضع المهني في قلب الاهتمام، ويُترجم الأقوال إلى أفعال، والبلاغات إلى قرارات.
الحسن المعتصم – عضو غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة