البراق شادي عبد السلام: تطاول بنكيران على المؤسسة العسكرية.. تهديد لثوابت الأمة 

البراق شادي عبد السلام: تطاول بنكيران على المؤسسة العسكرية.. تهديد لثوابت الأمة  البراق شادي عبد السلام 
إقحام المؤسسة العسكرية المغربية في صراع إنتخابي بين مرتزقة المهام الإنتدابية و البرلمانية و المناصب الحكومية و العضوية في الهيئات المبنية على المحاصصة الإنتخابية و الريع السياسي البئيس هو أمر غير مقبول شكلا و مضمونا و سابقة خطيرة في التاريخ السياسي المغربي المعاصر، لا يمكن فصل تصريحات السيد عبد الإلاه بنكيران الأخيرة التي تمس الإختيارات الإستراتيجية للمملكة المغربية الشريفة و مؤسساتها السيادية عن التوجه العام للوثيقة السياسية للعدل و الإحسان و بشكل خاص في فصل بناء حكم المؤسسات في مايخص السياسة الأمنية و الدفاعية التي تحدثت فيها الجماعة المحظورة عن تصورها الخاطئ لحكامة المؤسسة العسكرية و المؤسسات الأمنية الرديفة و لا يمكن التغاضي عن تطابقها مع تصريحات سابقة لزعيم ميليشيا الحوثي في نفس السياق .
 
في هذه المرحلة الجيوسياسية الدقيقة التي يمر منها الوطن حيث إنتقل عمل المؤسسات الإستراتيجية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس إلى السرعة القصوى في الحسم السياسي و الديبلوماسي و العسكري مع القضايا و الملفات الإستراتيجية التي تهدد إستقرار الوطن بهدف تحييد المخاطر و التهديدات التي تقوض الأمن القومي للمملكة و المصالح العليا للدولة و الشعب المغربي ، لا يجد الأمين العام لحزب العدالة و التنمية الحرج في التطاول على درع الوطن القوات المسلحة الملكية في تدخل سمج بالبروتوكلات العسكرية الإستراتجية الموضوعة بعناية و دقة من طرف العقل الإستراتيجي للمملكة بهدف حماية المقدسات الوطنية و إفشال المخططات الخبيثة التي تهدد الأمن القومي و مرتكزات الأمة المغربية .
 
خطورة تصريحات السيد عبد الإلاه بنكيران تكمن في أنها نابعة من قناعات رجل مساره السياسي أنتقل من مريد في مشيخة تكفيرية للدولة و المجتمع في اواسط السبعينيات إلى أمين عام لحزب العدالة و التنمية أحد أكبر الأحزاب المغربية في العشر سنوات الأخيرة قبل السقوط المدوي في إنتخابات شتنبر 2021 و رئيس سابق لأول حكومة مغريية بعد الخريف العربي في ظل دستور دشن مرحلة سياسية مهمة من التاريخ المغربي المعاصر ، حيث أن هذه التصريحات لم تصدر من شيخ جماعة إسلاموية تنافق الدولة المغربية و تنتظر الفرصة المناسبة لتحقيق التمكين و الإنقضاض على الحكم لبناء دولة الخلافة و سبي النساء و قطع الأيادي و الرؤوس تحقيقا لعقيدة الولاء و البراء و تنفيذا لفتوى شيخ الإسلام إبن تيمية : "المعاداة في الله  والموالاة في الله " ، أو من أمير جماعة إرهابية في الساحل و الصحراء الكبرى تخطط لمواجهة عسكرية مع مؤسسات الدولة الإستراتجية لزعزعة الإستقرار و هدم أسس الدولة المغربية أزعجته المناورات العسكرية الأسد الإفريقي كرد عملي و ميداني مغربي على كل التهديدات و المخاطر المحيطة به ،بل جاءت من رجل له مكانته الإعتبارية كرئيس سابق للحكومة المغربية يعرف جيدا ما يقال و ما لايقال  و يدرك جيدا مدى تأثير حديثه على النقاش العمومي و كيف يمكن أن يستقبل أعداء الوطن من أنظمة و جماعات إرهابية هذه التصريحات  لإستخدامها في الحروب اللاتماثلية التي تعتمد على التضليل و الإنهاك النفسي و التلاعب بالعقول و الإضرار بالروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة الملكية.
 
في الوقت الذي كان فيه " الرجال الأفذاذ " من أبناء الشعب المغربي البررة يخوضون حربا ضروسا في الصحراء المغربية دفاعا عن وحدة الوطن و مقدساته في مواجهة ميليشيا البوليساريو الإرهابية حين تخضبت رمالها العزيزة بدماء الشهداء من خيرة شباب الأمة المغربية كان السيد عبد الإلاه بنكيران و " مساخيط الشعب و  الوطن " زملاءه في الشبيبة الإسلامية - قبل المراجعات -  يجتمعون سرا في الأقبية و المنازل السرية و المقرات المظلمة يخططون لإسقاط الدولة و تفكيك الجيش و مؤسسات الوطن و مبايعة الخليفة المفترض  في المشرق و إقامة المحاكم الثورية إقتداءا بثورة الخميني في إيران .
 
و عليه فمن غير المنطقي و العلمي أن يقدم إنقلابي سابق خطط و باقي زملاءه لإسقاط الدولة و أسلمة المجتمع إستادا إلى تقديرات سياسية خاطئة و فتاوي باطلة إعطاء رأي حول عمل المؤسسة العسكرية بتاريخها العسكري المشرف ولاءها الأول و الأخير للعرش العلوي المجيد و إنضباطها الدائم لأوامر القائد الأعلى و رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية و إلتزامها الراسخ بحماية المقدسات الوطنية بمهنية عالية و إحترافية قل نظيرها بعيدا عن المزايدات السياسيوية أو البهرجة الإنتخابوية البئيسة .
 
مرة أخرى يطل علينا بنكيران بأعجوبة جديدة من أعاجيبه المتعددة ، فالمنطق الثيولوجي الغبي و محاولة توظيفه بشكل حقير في المقاربة السياسية التي عبر عليها الحزب الإسلاموي  في هذه التصريحات البئيسة دليل على الفشل الذريع للحزب في إعادة إنتاج منطلق إديولوجي سليم لتدبير الشأن العام بعيدا على الفهم الضيق و البسيط للتفاعلات المجتمعية المرتكزة على عقيدة الولاء و البراء ، تصريحات أمين عام حزب العدالة و التنمية هو سقطة أخلاقية كبرى بأبعاد وطنية مختلفة و إساءة بليغة للمؤسسة العسكرية و الشعب المغربي قاطبة و محاولة للتجلي بمظهر الطهرانية المزيفة التي أسقطتها هبة الشعب المغربي في يوم 8 شتنبر 2021 ، و قبلها غزوة شاطئ المنصورية المباركة التي خاضها بكل شرف نائب الأمين العام لحركة التوحيد و الإصلاح الذراع الدعوي للحزب مع قيادية بعيون مسلحة من اجل المساعدة عل القذف السريع و التي أظهرت قمة جبل الجليد الأخلاقي في التنظيم الإسلاموي و ماخفي كان أعظم، منطق الحزب للتفاعل مع فاجعة 8 شتنبر 2023 أظهرت بالمكشوف حقيقة هذا المكون السياسي و مدى تطابق رؤيته المتجاوزة للفعل السياسي المحصور في العشيرة و الإخوان و الأخوات و الغلمان .
 
ما لم يستطع إستيعابه الإخوان في العدالة و التنمية  أن الشعب المغربي - أذكى شعب في العالم - لا يلذغ في الإنتخابات مرتين و إن إسقاط هذا الحزب من وهم تدبير الشأن العمومي و ما تبعه من ملذات و إمتيازات و تعويضات و " إستفادة بعض العناصر الحربائية بدون وجه حق من مئات الهكتارات على شكل ضيعات فلاحية في نواحي الرشيدية " كان قرارا شعبيا و تصويتا عقابيا و له علاقة وطيدة بطريقة تفسير عناصره للدين و الدنيا .
 
لا ننسى أن الحزب بكل وقاحة و سماجة أكد سابقا  أن زلزال الحوز و تارودانت هو عقاب إلاهي للمغاربة بسبب  التصويت العقابي الذي طال حزب تجار الدين و البؤساء .
 
الملاحظ أن إستراتيجية الحزب التواصلية والسياسية منذ 8 شتنبر لم تكن موجهة إلى الشعب المغربي بالدرجة الأولى بل كانت موجهة إلى الكتلة الناخبة الصلبة التي عمل الحزب طوال عقود على ترصيصها بإستخدام الأساليب الدعوية و شيطنة الآخر و تبخيسه و ترويج نظرية المؤامرة و التلاعب بالقيم المشتركة للشعب المغربي  و إستخدامها كمطية لتحقيق أهداف سياسية أو إنتخابية. 
 
أغلب قرارات الحزب و خرجات بنكيران و قيادات الصف الأول كانت رسائل موجهة إلى "العشيرة الحزبية " المؤمنة بالمشروع الإسلاموي للحزب الذين فضلوا أخد مسافة آمنة من الحزب بعد توالي تناقضاته السياسية و الخطابية طوال عشر سنوات من تدبير الشأن العام و ثلاثين سنة في المجالس المنتخبة و خير مثال النائب البرلماني عن مدينة مكناس عبد الله بوانو الذي حول ساكنة مكناس إلى دروع بشرية لمواجهة حزب العدالة و التنمية في معاركه السياسوية و الإنتخابوية في الرياط  في حين تغرق المدينة في سوء التسيير و العبث التنموي و البؤس السياسي .
 
لإعادة ثقة العشيرة فقد إعتمد الحزب على إستراتيجية رباعية الأبعاد من أجل إعادة التموقع في الحياة السياسية أولها الإعتماد على القدرات التواصلية للسيد عبد الإلاه بنكيران بإستخدام رمزيته السياسية كرئيس حكومة سابق إذ سيكون لكلامه مصداقية أكبر نتيجة إستخراجه للحقل الدلالي الديني و إقحام المؤسسة الملكية في مروياته و محكياته ثانيها الركمجة على أزمات المواطن و الوطن و العمل الدائم على تحوير النقاش العمومي في إطار قطبية ثنائية يستميت الحزب على ترسيخها في المشهد السياسي تتكون من حزب الدراويش و الفقراء مقابل حكومة الباطرونا و الشركات الحالية عن طريق التنصل من المسؤولية السياسية التاريخية للحزب في تدبير الشأن العام لأكثر من عشر سنوات و ثالثها هو ضعف الإمكانيات التواصلية لذا  الخطاب الموازي و عدم قدرته على مواجهة أراجيف البيجيدي و تواضع التجربة السياسية و الإدارية أو إنعدامها في الكثير من الوجوه التقنوقراطية التي تسير الشأن العام في الأغلبية الحكومية الحالية مما يؤدي إلى ظهور خطايا سياسية حقيقية تتحول إلى ضربات جزاء تتقن و تتفنن القناديل الغير المضيئة تسجيلها في مرمى الحكومة وسط ذهولها أو إنبهارها ، رابعا إستحضار الأصل التجاري المسمى " القضية الفلسطينية " التي تمتلك مكانة خاصة في وجدان الشعب المغربي بسبب العطف الكبير و الإهتمام البالغ للمؤسسة الملكية ، فملك المغرب يتحمل مسؤولية تاريخية إزاء الشعب الفلسطيني كرئيس للجنة القدس كما يحظى شخصه الكريم بإحترام شديد لدي مختلف الفرقاء الفلسطنيين ، الحزب طوال ركونه في مقاعد المعارضة حاول في غير ما مرة الركوب على ملف إعادة  العلاقات المغربية - الإسرائيلية و محاولة التنصل من المسؤولية السياسية لهذا القرار فكما هو معلوم فقد وقعه الأمين العام لحزب العدالة و التنمية السيد محمد العثماني بصفته رئيس حكومة المغرب أمام جلالة الملك الإتفاق الثلاثي في خطوة إعتبرها الجميع إنتقالا فكريا و إيديولوجيا للحزب من مفهوم الجماعة السرية التي تعمل على إسقاط الدولة إلى رحابة العمل السياسي المؤسساتي المسؤول لحزب وطني قدم خدمات كبيرة للوطن ، و لابد من كلمة حق أنه لا أحد له الحق في أن يشكك في وطنية أغلب أعضاء الحزب أو في إلتزامهم و إنتماءهم للوطن الجامع لنا كمغاربة تحت القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين .
 
تصريحات السيد عبد الإلاه بنكيران المسيئة للمؤسسة العسكرية يمكن إعتبارها إنزلاقا خطيرا للحزب في علاقته التفاعلية مع قضايا الوطن المصيرية حيث إنتقل الحزب في لحظة معينة من تنظيم سياسي مدني يشكل جزءا من المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي في المغرب إلى جماعة دينية متطرفة تمارس الوصاية على مؤسسة إستراتيجية مجال إشتغالها محفوظ وفق ضوابط دستورية و شرعية و تاريخية واضحة لا لبس فيها لجلالة الملك محمد السادس أمير المؤمنين و  القائد الأعلى و رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية .
 
عديدة هي المواقف التي أظهرت نزوع الحزب و قياداته إلى سلوك إبتزاز الدولة و مؤسساتها فقبيل إنتخابات 8 شتنبر كانت الخرجات الإنتحارية لبنكيران يؤكد فيها أن رياح الخريف العربي لازالت تتجول في شوارع المغرب و بسيمة الحقاوي كبيرة القنديلات هددت الدولة بأن لا مفر لها من قبول الحزب كجزء من بنيتها و السيد أفتاتي بجنسيته الفرنسية هدد بحدوث ثورة في حالة فوز حزب أخنوش بالإنتخابات و أمينة ماء العينين صاحبة الرقم القياسي من المناصب و المهام الإنتدابية تنزع رداء الوطنية و تشكك في إنتماء المخالفين لمرجعية حزبها إلى الوطن، نتذكر جميعا صورة قيادي سابق في الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية وراء محمد زيان بإبتسامة صفراء في ندوة صحفية يكيل فيها الأخير الإتهامات للدولة المغربية ومؤسساتها و تروج فيها مغالطات تمس الأمن القومي للوطن و المصالح العليا الشعب المغربي ، نتائج الخريف العربي كانت كارثية بكل المقاييس على الوضع الإجتماعي و الإقتصادي و الأمني لكل الدول التي أصابتها رياحه العاتية و التي لم تحسن تطويعها و التحكم فيها لإنتاج طاقة تنموية مستدامة ، و هو مانجح فيه المخزن الشريف و مؤسساته بكل  إقتدار ، الإستثناء المغربي في أحداث 20 فبراير تجسد بسبب حكمة و سرعة إستجابة الملك محمد السادس نصره الله للمطالب الشعبية وفق تقييم رصين و دقيق لطبيعة المرحلة و متطلباتها ، حقيقة تاريخية و سياسية لم يدركها حزب العدالة و التنمية وصول بنكيران و عشيرته إلى تدبير الشأن الحكومي هو نتيجة حتمية لدستور 2011 و خطاب 9 مارس2011 التاريخي و ليس العكس .
 
اليوم أمام قيادة حزب العدالة و التنمية فرصة ذهبية لإعادة صياغة المشروع الفكري و السياسي للحزب و القيام بمراجعة حقيقية لربط إيديولوجية الحزب بما هو مغربي بعيدا عن التأثيرات المشرقية و تدبير العلاقة مع باقي القوى السياسية الفاعلة بمنطق تشاركي بعيدا عن البوليميك الغارق في الشعبوية و ردود الأفعال الغير المفهومة ، إنهاء مرحلة بنكيران أصبحت ضرورة إستراتيجية و حركة تصحيحية  في دواليبه هي اليوم مطلب منطقي لصياغة مشروع فكري جديد للحزب تحت شعار الله - الوطن - الملك قد يساعده على إنتاج مرجعية وطنية مغربية لقضايا مغربية بروح وطنية مغربية تساهم في إعادة ثقة المواطنين في حزب أساء للوطن كثيرا إرضاء للكتلة الناخبة الصلبة للحزب أو العشيرة.