في الآونة الأخيرة أصبحت الأحزاب مجرد كنتونات معزولة بلاوجود فعلي ولاروح تذكر ولا تأثير على المواطن والمناخ السياسي .ترديها راجع بالأساس لغياب الديمقراطية الداخلية ودخول المال على الخط وانعدام الكفاءة داخل فضاءاتنا السياسية. وظهر مؤخرا تغول من نوع خاص بعدما سيطرت المقاولة على مقاليد السياسة والاقتصاد في سابقة لم تحترم الفصل بين مجال تأطير المواطن وحماية مصالحها فآثرت ان تحمي قلاعها على حساب معاناته وظروف عيشه فوسعت الفارق بين نخبة متغولة وطبقة مسحوقة لا حول لها ولاقوة في السلم الاجتماعي. لعل من أبرز ملامح التردي أن نشاهد كيف استطاع حزب المقاولة تجييش المواطنين من أجل الحضور للقاءات تواصلية تعتمد على الجانب الكمي تخونه فيه الكلمات وتكشف عورته التدخلات. كيف نحقق نبل السياسة والوعي المتقدم في ظل حضور أجساد تضع على رأس فارغة قبعة تحمل شعار حزب مع سندويش ومبلغ مالي زهيد لاشك أنه مأخوذ من عرق المواطنين ؟ !!!
فشل السياسة الحالي لم يعد يقتصر على غياب المواطن وسؤال وعيه بقضاياه الآنية والحارقة بل امتد إلى معارضة هشة رغم قلة عددها وضعف تأثيرها على النقاش السياسي العام، تفشل في تسجيل ملتمس الرقابة وهدف في شباك حكومة تضارب المصالح . والتي لا تتأخر في تقديم كثير من الفرص من أجل إسقاطها، لكنها تعرف جيدا كيف تؤجج الصراع من داخل معارضة مترددة هجينة و بين صفوفها. من يحاول الظهور بالقوة المطلوبة رغم عدم امتلاكه لمقوماتها وبين من يتحرش من خلال الإصطفاف بداخلها بغرض اقتناص فرصة تعديل حكومي أملا في مناصب تلبي رغبات داخلية غير بريئة .
الصورة في النهاية غير مشجعة ولا متفائلة تساهم بشكل قوي في جعل كثير من مقتضيات دستور2011 مجرد حبر على ورق مادام هناك من هندس رقعة السياسة الانتخابية على مقاس يستحيل معها أن تكون هناك معارضة قوية . لكن المضحك المبكي أن تكون ضعيفة وزاد من ضعفها تخاذل البعض وهي مؤشرات يستحيل معها أن نكون أمام بروفا سياسية توحي بما صرح به بعض المعلقين تنفيس للمناخ السياسي، بقدر مانحن أمام مهزلة سيذكرها التاريخ بأسف شديد. ليدين بقوة كل من ساهموا في التخطيط لها ورسم معالمها وهم يتواطأون على قتلها وتشييع جنازتها ومواراتها التراب.