"لا أحد يغادر منزله دون سبب. فلنتحرك قبل أن تتحول الصحراء إلى مقبرة مفتوحة"، بهذه العبارة ختمت كل من المنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين بالمغرب بلاغهما الذي ينددان فيه بما وصفاه بـ"شطط خطير وغير إنساني" تمارسه السلطات الجزائرية بحق آلاف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال عمليات طرد قسري جماعي تخرق القانون الدولي وتعرض الأرواح للخطر.
وقالت المنظمتان في بيان عاجل وجهتاه إلى الرأي العام الدولي إن الجزائر رحّلت أكثر من 6000 مهاجر إلى النيجر في أبريل 2025، حيث تُركوا قرب الحدود في منطقة صحراوية قاحلة بالقرب من أساماكا، دون ماء أو غذاء أو حماية من الحرارة القاتلة التي بلغت 48 درجة مئوية. وأضاف البيان أن سنة 2024 وحدها سجلت ترحيل 31,404 شخصًا، في تصعيد غير مسبوق. أما في 19 أبريل 2025، فقد قامت السلطات الجزائرية بـطرد 1141 مهاجرًا في يوم واحد فقط، بينهم 41 امرأة و12 طفلًا.
وأكدت المنظمتان أن السلطات الجزائرية تنتهج خطابًا مزدوجًا، حيث يتحدث الرئيس الجزائري عن تسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين، بينما تتواصل عمليات الطرد التعسفي بوتيرة متصاعدة، مدفوعة بخطاب أمني يحمّل المهاجرين مسؤولية الأوضاع الأمنية ويُصورهم كمصدر تهديد.
وحذرت المنظمتان من أن المهاجرين يتعرضون لـاعتقالات عشوائية في الشوارع وأماكن العمل، ثم يُحتجزون في ظروف مكتظة وغير إنسانية، قبل أن يُنقلوا إلى مناطق حدودية ويتم تركهم عند ما يُعرف بـ"النقطة صفر". هناك، يُجبرون على المشي مسافة 15 كلم في حرارة مميتة، كثيرون منهم مصابون أو مرضى. وقد وثقت المنظمة حالات وفاة، بينها وفاة طفلة في الثالثة من عمرها، بسبب الإهمال التام.
وأضاف البيان أن مراكز الاستقبال في النيجر تعاني من الاكتظاظ الشديد والعجز التام عن استيعاب هذا العدد من المرحّلين. ففي مدينة أغاديز وحدها، يعيش أكثر من 1900 لاجئ في ظروف مزرية، حيث تم تعليق القسائم الغذائية وتغيب الرعاية الطبية، بينما يمتد الانتظار الإداري لسنوات.
واتهمت المنظمتان الاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في هذه السياسات اللا إنسانية، من خلال تمويله المباشر لعمليات مراقبة الهجرة في الجزائر وتونس وليبيا. وأكدتا أن إضفاء الطابع الخارجي على سياسات الهجرة لا يُعفي أوروبا من مسؤولية الانتهاكات الجارية.
وطالبت المنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين في المغرب بما يلي: الوقف الفوري لعمليات الطرد القسري من الجزائر، فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات ومعاقبة المسؤولين عنها، تعزيز الدعم اللوجستي والمالي للمنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للاجئين، مراجعة شاملة لاتفاقيات الهجرة الأوروبية المغاربية لضمان احترام حقوق الإنسان.
وختمت المنظمتان بيانهما بالتحذير من أن استمرار هذا الصمت الدولي هو مشاركة في الجريمة، ودعتا إلى تدخل فوري من المنظمة الدولية للهجرة، والأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي لوقف ما وصفتاه بـ"المجزرة المنظمة بحق المهاجرين".