تتويجٍا لمحطات التباري الخاصة بالأولمبياد الوطني للفلسفة برسم سنة 2025 الذي يجرى في نسخته الأولى بين أكاديميات: الدار البيضاء سطات و طنجة تطوان الحسيمة و بني ملال خنيفرة. وبعد استكمال المراحل الإقليمية والجهوية، احتضن المركز الثقافي الحسني بمدينة الدار البيضاء، يوم الإثنين 12 ماي 2025، فعاليات المرحلة النهائية لهذا الحدث التربوي المتميز. وقد نظمت التظاهرة من قبل الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء-سطات، بشراكة مع الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة.
تندرج هذه المبادرة في سياق تفعيل مقتضيات القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتنزيلاً للأهداف الإستراتيجية لخارطة الطريق 2022-2026، التي تضع ضمن أولوياتها النهوض بالحياة المدرسية، وتشجيع التفتح والإبداع، وتعزيز انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيوثقافي، بما يرسخ قيم المواطنة والانتماء والتعدد والحوار.
وقد شهدت النهائيات انخراطاً واسعاً لمكونات المدرسة المغربية، من متعلمين وأطر تربوية وإدارية وهيئات التأطير والمراقبة، ما انعكس على جودة التنظيم ورقي التنافس. وتميزت المسابقة بروح عالية من الجدية والحماس، حيث أدار فقراتها الأستاذ عبد الجليل الناظيري باحترافية ومهنية.
افتُتحت الفعاليات بكلمة ترحيبية لهشام بن عمار، المفتش المنسق الجهوي لمادة الفلسفة بأكاديمية الدار البيضاء-سطات، عبر فيها عن شكره وامتنانه لكل المساهمين في إنجاح هذا الموعد التربوي، مبرزاً الأهداف التربوية العميقة التي ترومها هذه التظاهرة، وفي مقدمتها نشر الفكر النقدي، وفق شعار هذه الدورة: "من أجل بناء مواطن عقلاني، متشبع بثقافة الحوار وتقبل الاختلاف." كما عبر عن دعوته للوزارة لتبني هذه المبادرة لتصبح موعدا سنويا قارا يجرى على صعيد جميع الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية بالمملكة.
توالت بعد ذلك كلمات عدد من الفاعلين، من بينهم عبد الصمد أحيضار، مفتش ومنسق جهوي بأكاديمية طنجة-تطوان-الحسيمة، الذي شدد على أهمية هذا الورش في تكريس قيم العقلانية والحوار. كما قدّم السيد حميد هرماشي، منسق جهة بني ملال-خنيفرة، مداخلة سلط فيها الضوء على المكتسبات البيداغوجية والتربوية للتجربة، مؤكداً على دورها في تعزيز مهارات الكتابة الفلسفية والتفكير التأملي والمناظرة.
من جهته، أشار عبد الكريم سفير، رئيس الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة، إلى أهمية دعم هذا المشروع وطنياً، داعياً إلى مراجعة منهاج تدريس الفلسفة بما يستجيب لمتطلبات العصر وتحدياته.
وقد أعرب الطاهر اليوسفي، رئيس مجلس مقاطعة الحي الحسني، عن فخره باستضافة هذا الحدث، مؤكداً دعم المجلس للفعل الثقافي والتربوي.
فعاليات التباري النهائي:
عرفت النهائيات مشاركة 12 مترشحاً يمثلون ثلاث أكاديميات، بواقع أربعة ممثلين عن كل جهة. تم تنظيم مناظرات فكرية عميقة تناولت قضايا فلسفية مثل: "الحرية والضرورة في الفعل الإنساني"، "العلاقة مع الغير بين الصداقة والصراع"، "الدولة بين الحق والعنف". أبان المشاركون عن قدرات متميزة في التحليل والنقد والمحاججة، بلغة فلسفية رصينة، ومنهجية دقيقة في تناول الإشكالات الوجودية والمعرفية والأخلاقية.
أشرف على تحكيم المناظرات لجنة من خيرة الأساتذة والمفتشين، برئاسة المفتش المقتدر محمد بهاوي، وعضوية كل من: عبد الحفيظ بوافادان، رشيدة العيش، مصطفى الشاذلي، يوسف العماري، ومحمد الخشين.
المناظرة النهائية:
تناول المترشحون الأربعة المتأهلون موضوعاً فلسفياً راهناً: "هل التقنية تحرير للإنسان أم استعباد له؟"، حيث قدموا رؤى متباينة تعكس وعياً عميقاً بإشكالات التقنية في ظل التحولات الرقمية وثورة الذكاء الاصطناعي. أدار المناظرة الأستاذ عليوي الخلافة بكل تميز.
النتائج النهائية:
المرتبة الأولى: أيمن القائد (أكاديمية طنجة-تطوان-الحسيمة)
المرتبة الثانية: مروى لطفي (أكاديمية الدار البيضاء-سطات)
المرتبة الثالثة: أميمة طاهري (أكاديمية الدار البيضاء-سطات)
لحظات فنية وتكريمات:
قبل الإعلان عن النتائج، استمتع الحضور بفقرات فنية متميزة أبدع فيها كل من الفنان عبد اللطيف محبي، والفنان بوجمعة الجرجاني، والطفلة الواعدة أسيل رطيق.
في ختام الفعالية، تم توزيع الجوائز على المتوجين، وشواهد التقدير والعرفان على اللجنة التنظيمية والمساهمين، وسط إشادة الحاضرين بنجاح التظاهرة وتطلعهم إلى دورة قادمة أكثر إشراقاً.