البيولوجيا الطبية سنة 2025: الثورة الصامتة للجزيئات والخوارزميات 

البيولوجيا الطبية  سنة 2025: الثورة الصامتة للجزيئات والخوارزميات  الدكتور علي بنيس ( يمينا ) مع الدكتور أنور الشرقاوي
بقلم :  الدكتور أنور الشرقاوي بمساهمة الدكتور علي بنيس، محلل بيولوجي 
 
في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو الذكاء الاصطناعي التوليدي والروبوتات التفاعلية، تجري ثورة أخرى بهدوء عميق، لكنها لا تقل عمقاً وتأثيراً، إنها الثورة التي تعيد تشكيل ملامح البيولوجيا الطبية.
سنة 2025، لم يعد المختبر مجرد فضاء لتحاليل أو زرع ميكروبات، بل أصبح مركز قيادة سريري طبي  متكامل، مدعوم بالذكاء الاصطناعي، والطب الجينومي الدقيق، والبيولوجيا النظامية.
 
 إليكم جولة في أبرز التطورات التي تعيد رسم حدود التشخيص البيولوجي اليوم وغداً :
 
1 . البيولوجيا التنبؤية : نحو وقاية مصمّمة على المقاس
بفضل تقنيات الجيل الجديد لتسلسل الحمض النووي (NGS)، أصبحت الفحوصات الجينية التنبؤية واقعاً يومياً، ولم تعد حكراً على الدول الغنية.
في المغرب وإفريقيا، تقدم بعض المختبرات الآن تحاليل مخصصة لرصد طفرات مرتبطة بالسرطان (BRCA1/2، Lynch)، والسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب الوراثية.
 
 الأمراض المعنية:
 السرطانات العائلية: رصد مبكر للأشخاص المعرّضين 
أمراض القلب والشرايين: "بوليمورفيسمات" مرتبطة بالضغط واضطرابات النظم
 الأمراض الاستقلابية : السكري، السمنة، تشحم الكبد
 
2 . الذكاء الاصطناعي في التحاليل البيولوجية : المختبر المعزّز
أجهزة المختبرات الحديثة مزودة بأنظمة إنذار ذكية.
تحليل الصوديوم، أو تعداد الدم، أو وظائف الكبد، لم يعد يقتصر على تقديم الأرقام، بل يقدم فرضيات تشخيصية، ويقارن بالتحاليل السابقة، ويقيم ديناميكية التغيرات.
 
 الأمراض المعنية :
أمراض مناعية مزمنة: الذئبة، الروماتويد، كرون
تعفن الدم (Sepsis): توقع المسار عبر المؤشرات الحيوية
اضطرابات استقلابية معقدة: تحسين التشخيص التفريقي
 
3 . المؤشرات الحيوية السائلة : الدم يتكلم قبل الأعراض
تحليل الحمض النووي الحر في الدم (cfDNA)، والـ microARN، والإكسوزومات، والبروتيوميات المستهدفة، يفتح أبواب تشخيصية جديدة، قبل ظهور التكتلات أو إصابة الأعضاء.
 
 الأمراض المعنية :
سرطانات البنكرياس، الرئة، والقولون: كشف مبكر للغاية
الزهايمر: تحاليل بلازمية لـ p-Tau وبيتا أميلويد
بطانة الرحم المهاجرة: توقيع بلازمي معتمد أوروبياً ومغاربياً
 
 
4 . التشخيص الميكروبي : السرعة والدقة والاستباق
في 2025، لم تعد اختبارات الـ PCR المتعددة حكرًا على مراكز البحوث.
خلال ساعتين إلى أربع ساعات، يمكن لاختبار واحد تشخيص 15 إلى 20 مُمْرِضًا دفعة واحدة، ويتم تعديل الأهداف حسب الوضع الوبائي.
 
 الأمراض المعنية :
فيروسات الجهاز التنفسي: الإنفلونزا، RSV، كورونا، السعال الديكي
 التهابات بولية وهضمية : توجيه دقيق للعلاج بالمضادات
 عدوى المستشفيات nosocomial: رصد سريع لمقاومة المضادات الحيوية
 
5 . الميكروبيوم Microbiote والديزبوز : الفلورا في الصف الأول
دراسة الميكروبيوم المعوي، الجلدي، الفموي أو المهبلي لم تعد مجرد فضول علمي.
أصبحت لوحات "الديزبوز" (خلل التوازن الميكروبي) أدوات أساسية لفهم أمراض كانت توصف سابقاً بالوظيفية.
 
 الأمراض المعنية : 
 القولون العصبي Colon irritable:  التهابات القولون، التوحد، القلق
 الأمراض الجلدية : الإكزيما، حب الشباب، الصدفية
 اضطرابات الخصوبة لدى النساء : علاقة مباشرة بالميكروبيوم المهبلي
 
6 . بيولوجيا الخصوبة والحمل : دقة هرمونية متناهية
التحاليل الهرمونية الإنجابية أصبحت أكثر تعقيداً ودقة: قياس الاحتياطي المبيضي، تتبع الدورة في الزمن الحقيقي، تقييم المشيمة عبر مؤشرات دموية.
 
 الأمراض المعنية : 
 القصور المبيضي المبكر:  متلازمة تكيس المبايض
 مضاعفات الحمل : تسمم الحمل، تأخر النمو داخل الرحم
 التلقيح الإصطناعي : تكييف العلاج الهرموني حسب الحاجة
 
7. الإيكوبيولوجيا والطب البيئي : البيئة في المختبر

 
8. المختبر بات أيضاً شاهداً على الملوثات التي تحيط بنا: قياس بقايا المبيدات، المعرقلات الهرمونية، المعادن الثقيلة.
 الأمراض المعنية :
السرطانات الهرمونية
اضطرابات النمو العصبي
أمراض الغدة الدرقية البيئية
 
 في الختام: بيولوجيا الغد تبدأ من اليوم.. 
في 2025، البيولوجيا الطبية لم تعد مجرد "طبيعي / غير طبيعي ومرضي "، بل أصبحت قراءة متكاملة، ديناميكية، ومخصصة لكل مريض.
لم يعد البيولوجي مجرد ناقل للنتائج، بل صانع قرارات طبية مستنيرة.
في مفترق الجينات، والميكروبات، والإشارات الخفية، يولد وجه جديد للطب: مهني الصحة العالي التقنية الذي يشتغل في ابظل وهو البيولوجية le Biologiste.