ما زالت صور انهيار "حافة بنزاكور" بنفس الحي في عام 1988 راسخة في ذهني، وفي الفصل 14 (ص 123 و124) من "طفولة بلا مطر" استحضرت هذه المأساة.. التي نتمنى ألا تتكرّر مرة أخرى.
أتقاسم معكم/ن هذه الفقرة من "طفولة بلا مطر":
"أقطع مسافة طويلة كل يوم ذهابا وإيابا؛ بين البيت الذي يقع في منطقة "عين هارون" والثانوية التي توجد بجانب "باب الساكمة" التاريخي. في الطريق أتفحص ملصقات سينما الشعب، وأحيانا أقتني وجبات شعبية من المطاعم التقليدية المجاورة، حتى لا أتأخر عن حصة ما بعد الزوال.
جو من الحزن يخيم على المدينة، لا حديث بين تلاميذ الثانوية هذا الصباح؛ إلا عن انهيار "حافة بنزاكور"؛ ما أسفر عن مقتل 52 شخصا وتحطم العشرات من المنازل تحت الركام. هناك من يتحدث بأسى عن أقربائه، وآخرون يتألمون بفقدان أصدقائهم.
بعد انتهاء الحصة الصباحية توجهت بصحبة صديقين إلى مكان الانهيار الذي لم يكن بعيدا عن الثانوية، كنا نتابع الوضع عن بعد، وكانت هناك فرق للإنقاذ وسيارات الإسعاف، والمطافئ، وجماهير غفيرة. شعرت بحزن شديد وأنا أتأمل مكان الانهيار، وغير بعيد عنه؛ تراءت لي منازل أخرى بنيت في أماكن خطرة مهددة بدورها. لعنت في خاطري سنوات الجفاف التي أرغمت الكثير من الناس على مغادرة قراهم، والمغامرة بالاستقرار في هذه البيوت غير الآمنة. تصورت أطفالا ونساء ورجالا يئنون تحت الأنقاض، وأنا أشاهد الركام الذي غطى المكان، قبل أن يخاطبني أحد مرافقي: "قبل يوم واحد، كان هذا الحي الصغير يعج بالحياة، سكانه يكافحون من أجل لقمة العيش، ويحلمون بغد أفضل رغم كل الصعوبات، لكن القدر لم يمهلهم..".
غادرنا الموقع والحزن يعصر قلوبنا، وفي الطريق علمنا أن زملاء بالثانوية؛ كانوا من ضمن الضحايا. تملكني خوف رهيب على سلامة بعض الأهل والأصدقاء؛ حين تذكرت أنهم يقطنون في مساكن مهددة بنفس الخطر. عندما وصلت لغرفتي، وكانت صور الانهيار لا تفارق ذهني، فقدت شهية الأكل، ولم أستطع تناول وجبة الغذاء".