طلبة المدرسة الوطنية للتجارة والتدبير بالدار البيضاء وسؤال القراءة في زمن الذكاء الإصطناعي

طلبة المدرسة الوطنية للتجارة والتدبير بالدار البيضاء  وسؤال القراءة في زمن الذكاء الإصطناعي مشاهد من اللقاء
كثيرة هي مستويات قراءة نتائج الدورة الجديدة للمعرض الدولي للكتاب بالمغرب، المنظمة بالرباط ما بين 17 و27 أبريل 2025، تبقى من بين أهمهما أشكال التفاعل التي خلقها الجسم الجامعي ومعاهد الدراسات العليا بفضاءات المعرض. حيث كان المجال الكبير المخصص للجامعة المغربية (كمشتل لإنضاج الأفكار) واحدا من أهم الفضاءات التي عرفت نقاشات مثمرة وحضورا جماهيريا طلابيا وعموميا محترما.
 
من بين تلك المشاتل النوعية التي حققت حضورا كبيرا لجمهور المتتبعين من زوار المعرض، الفضاء الذي ساهمت فيه المدرسة الوطنية العليا للتجارة والتدبير – عين السبع بالدار البيضاء، عبر ثلاثة ثيمات مركزية كبرى ترجمت جانبا من الإهتمامات الآنية ذات الأولوية ضمن مشهدنا الثقافي والفكري والجامعي بالمغرب. ثيمات ثلاثة تمحورت حول:
"القراءة في زمن الذكاء الإصطناعي"
"مسرح القارئ"
"تقنيات الخطابة – مسابقة طلابية".
 
لقد شكلت هذه الأنشطة المركزية الثلاثة (المؤطرة من قبل التنظيم الطلابي والتربوي لهذه المدرسة الوطنية الرائدة، عبر الإطار المؤسساتي "أكورا")، فرصة لتطارح الأفكار حول التحديات البيداغوجية والأخلاقية والقيمية التي يطرحها تحدي الذكاء الإصطناعي في علاقته بألق وشغف القراءة. من حيث إنه يطرح في العمق إشكالية الحرية والتوجيه في مجال القراءة، وإن كان الذكاء الإصطناعي لن يكون مدخلا مقلقا لتعليب الوعي من خلال التحكم في نوعيات القراءة ومواضيعها وآفاقها. علما أن القراءة هي في الأصل حرية اختيار ومجال للتربية على إغناء الذات وصناعة الوعي والتربية العمومية على مكرمة الإختلاف وأهمية التكامل والتعايش بين البشر وبين الأفكار. مما جعل الطلبة يقاربون واحدة من أعقد وأخطر إشكالات التكوين اليوم وغدا وأثر التكنولوجيا في تشكيل الوعي العمومي من خلال العلاقة بين القراءة والتكوين والذكاء الإصطناعي، بمشاركة أساتذة بارزين وأطر تربوية رصينة.
 
على القدر نفسه الذي شكلت تيمة "مسرح القارئ" فرصة لمصالحة جمهور الطلاب والجمهور العام مع واحدة من أعمق اتجاهات المسرح العالمي، التي تقول بأن النص ينتجه في نهاية المطاف ليس كاتب المسرحية ولا أبطالها على الخشبة بل المتلقي (مدرسة مسرح بريشت الألمانية كمثال). وأن مسرح القارئ هو مقاربة إبداعية غايتها جعل المتلقي / المتفرج منتجا للمعنى، فاعلا في إنضاج السؤال حول الغاية من العملية الإبداعية في شموليتها، حين تتحول تلك العملية إلى أداة تربوية عمومية لمصالحة الأفراد مع واقعهم وذاكرتهم وتاريخهم وعناصر هويتهم الثقافية والحضارية. وهنا يكمن عمق الفكرة المطروحة من قبل طلبة المدرسة الوطنية العليا للتجارة والتدبير، التي غايتها لفت الإنتباه إلى أن العملية الإبداعية هي عملية تشاركية وتكاملية وتأسيسية بين النص والقارئ.
 
فيما شكل النشاط المركزي الثالث الذي شهده جناح هذه المؤسسة الوطنية التكوينية الرائدة بالدار البيضاء بفضاء المعرض الدولي للكتاب بالرباط، فرصة لإبراز ملكات التواصل الإقناعية والحوارية عند جمهور طلبة المعاهد العليا المتخصصة ضمن مجالات التكوين في علوم الاقتصاد ببلادنا. وهو التباري الذي شارك فيه طلبة خمسة أندية طلابية قادمة من مؤسسات "كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء" / "فريق أكورا بالمدرسة الوطنية للتجارة والتدبير عين السبع بالدار البيضاء" / "المدرسة الوطنية العليا للدراسات التقنية بالمحمدية" / "فريق النور بالمدرسة الوطنية للتجارة والتدبير بالدار البيضاء" / "نادي بيماك بالمدرسة الوطنية للتجارة والتدبير بالدار البيضاء". مما جعل جمهور زوار المعرض الدولي للكتاب يكتشف ليس فقط كفاءات طلابية شابة في مجالات الإلقاء والمناقشة وتطارح الأفكار بل عناوين مشرفة لما تفعله بيداغوجيا التربية والتكوين العالي من دور في خلق شخصية الطالب كفاعل في مجتمعه ومحيطه. الأمر الذي يعتبر رأسمالا كبيرا لخلق كفاءات تصلح مادة خام لصناعة نخب مغربية جديدة تمزج بين الرأي والمعرفة العلمية وبين التمكن اللغوي بألسن متعددة (عربية وفرنسية وإنجليزية).
 
لقد تمكن أولئك الطلبة المتنافسون فيما هو إيجابي (8 دقائق لكل مشارك) من إقناع لجنة التحكيم الأكاديمية المشكلة من الأطر التربوية المجربة (مدير المدرسة الوطنية العليا للتجارة والتدبير الأستاذ إسماعيل القباج والأستاذة بذات المؤسسة المكلفة بملف الشراكات السيدة فاتن أوحتية) بكفاءاتهم التربوية تواصليا وإقناعيا، حيث كانت النتائج النهائية فوز طلبة المدرسة الوطنية العليا للدراسات التقنية بالمحمدية بجائزة الأداء بالإنجليزية، وفوز طلبة نادي بيماك بجائزة الأداء بالعربية.