تونس والجزائر.. لم يتبقَّ مجال للصحافة الاستقصائية.. الخيار الوحيد هو المنفى!

تونس والجزائر.. لم يتبقَّ مجال للصحافة الاستقصائية.. الخيار الوحيد هو المنفى! قمع الأصوات الاستقصائية وتضييق الخناق على الحريات
قالت الشبكة العالمية للصحافة الإستقصائية، أن تونس، التي كانت موضع إشادةٍ في الماضي القريب باعتبارها قصة نجاح ديمقراطية، تراجعت من "حرة" إلى "حرة جزئيًا" بعد استيلاء الرئيس قيس سعيد على السلطة سنة 2019، في حين تقبع الجزائر في (المرتبة 134) والمغرب في (المرتبة 136) بالقرب من أسفل الترتيب. 

في تونس، أصبح المرسوم عدد 54، الذي يستهدف ظاهريًا الجرائم الإلكترونية و”المعلومات والشائعات الكاذبة”، سلاحًا لإسكات المنتقدين  بفضل الصياغة المبهَمة والأحكام القاسية. ويحذّر وليد الماجري، رئيس تحرير منصّة "الكتيبة" العضو في الشبكة العالمية للصحافة الإستقصائية، من التّأثير المخيف للمرسوم على الصحافة الاستقصائيّة: "باتت المصادر الآن خائفة من الكلام. هذا الخوف يقتل الصحافة الاستقصائيّة من الداخل". 
 

يوضح "الماجري" أنه في ظل حكم الرئيس قيس سعيد، يواجه الصّحفيون الذين يغطون الفساد أو انتهاكات حقوق الإنسان الترهيب والتّهديدات القانونيّة. يقول: "في السابق كان الناس يتحدثون بشكلٍ غير رسمي دون تسجيل، الآن، حتّى هذا باتَ خطيرًا". 

إن تراجع حرية الصحافة في تونس يضاعف من التحديات التي تواجه الصحفيات في البلاد، كما تقول حنان زبيس، الصحفية الاستقصائية المستقلة “أن تكوني صحفية في تونس وسط عودةِ الديكتاتورية ليس بالأمر السهل، خاصة إذا كنتِ صحفيّة استقصائية… نحن نتعرّض للمضايقات على وسائل التواصل الاجتماعي و نُستهدف لكشفنا الفساد وانتقادنا للنظام السّياسي”. “تؤثّر الهجمات الافتراضيّة على سمعتك وحياتك الشخصية، لإسكاتك وحتى تحجيم حضورك في الأماكن العامة". وتضيف أن أكثر من نصف الصحافيين في تونس من النساء، إلا أن قليلاً منهنّ يحصلن على المناصب القيادية، وتتقاضى الصحفيّات أجورًا منخفضة مقارنة بنظرائهن من الرّجال.

في الجزائر، وصل قمع الصحافة الاستقصائية إلى مستويات مُقلقة. وبحسب الصحفي المستقلّ علي بوخلف: "لم تُنشَر أيّ تحقيقات كبيرة" منذ  وصول الرئيس تبون. ويضيف: “سُجِن صحافيّون مثل رابح كراش وبلقاسم حوام لمجرّد قيامهم بعملهم. وقد ألقي القبض على كراش، وهو مراسل لصحيفة "ليبيرتي" بعد أن أبلغ عن احتجاجات استخدام الأراضي التي قام بها الطوارق. وسجن “حوام” لأنه كتب أن 3000 طن من التمور الجزائرية قد أُعيد شحنها بعد تصديرها من فرنسا لأنها تحتوي على مواد كيميائيّة ضارّة.

حلُّ الرّابطة الجزائرية للدّفاع عن حقوق الإنسان في عام 2022 مؤشر واضح على إحكام الحكومة قبضتها على الحريات المدنية. ويضيف بوخلف: “لم يتبقَّ مجال للصحافة الاستقصائية داخل الجزائر. الخيار الوحيد هو المنفى".