فحينما ينزع الشباب إلى تقليد ما تم تصديره عبر قنوات التواصل الاجتماعي من سموم فكرية وأخلاقية في حضور شروط الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية التي تؤطر لوجود بيئة الانحراف المهيكل، يصبح ذو جاهزية سيكولوجية قابلة لامتصاص جميع مقومات الانفصام الاجتماعي، ولا يؤمن إلا بالفردانية والتمركز حول الذات مما يجعله مسلوب الإرادة الذاتية اتجاه غريزة الأنانية المسيطرة عليه، فيترجم كل الإشارات والخطابات الموجهة إليه خارج الذات بالتنمر أو التحقير لذاته فيستبطنها كعدوان خارجي وعنف ممنهج اتجاهه، الشيء الذي يجعله يتبنى ردود أفعال مضادة أو استباقية، سواء داخل مؤسسات حكومية مغلقة “إدارات عمومية، مؤسسات تعليمية..“ أو مفتوحة مثل الشارع العام الذي غالبا يعتبر في نظر المنحرف مسرحا لاستعراض قدراته الذاتية لأجل حماية نفسه في وضعية “العنف والعنف المضاد“.
المنحرف عدوانيا أو الملقب بـ “المشرمل“ يكون لديه نزوع مرضي حول الانتقام للذات وتصفية حساباته مع المعتدي عليه - حسب تصوره الوجداني - الذي قد يتحول إلى معتدى عليه، وقد يكون في التمثل الاجتماعي رمزا للسلطة الاجتماعية العليا “رجل التربية والتعليم- رجل السلطة..“ كل من يحمل رمزية سلطة الأب أو الأم أو من يمثل أعلى سلطة في الهرم العائلي، أو يمثل بشكل عام صورة المتنمر أو المغتصب أو معنف حسب طبيع بيئة التنشئة الاجتماعية والسيكولوجية التي أسست لنمو الشخصية المرضية المضطربة نفسيا وسلوكيا...