تكشف أرقام الميزانية الفرعية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن نصيب البحث العلمي من مجموع ميزانية الوزارة لا يتجاوز 5 في المائة.
تبلغ ميزانية وزارة التعليم العالي على العموم 15 مليارا و215 مليونا و35 ألف درهم، دون احتساب اعتمادات الالتزام، تخصص منها 289 مليون درهم للبحث العلمي.
وهنا لابد من طرح السؤال: هل بهذه الميزانية الضعيفة يمكن أن تدخل جامعاتنا التصنيفات الدولية ونبني نموذجا تنمويا؟
إن المبالغ المنفقة على البحث العلمي، لا تتجاوز 0,5 في المئة من الناتج الداخلي، ونحن نرى أن الدول المتقدمة التي تحترم نفسها تنفق أكثر من 2% من دخلها القومي على البحوث المدنية وحدها.
وفي أحدث تصنيف نشره مؤشر “AD Scientific Index لسنة 2025، تحتل جامعة محمد الخامس بالرباط صدارة التصنيف الوطني، والمرتبة 24 أفريقيا و983 عالميًا، علما أن المغرب يوجد في المرتبة 75 عالميا.
ولا أحد يشك في أن البحث العلمي بالمغرب لم يأخذ بعد المكانة المركزية التي يستحقها في منظومة الإصلاحات الكبرى.
فالبحث العلمي لا يهم سياسة قطاعية لوحدها بقدر ما يرتبط بالسياسات العمومية الكفيلة بالنهوض بهذا البحث والابتكار، وتطويره وتثمينه حتى يصبح حلقة محورية للتنمية الاقتصادية ببلادنا، سواء من حيث الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة له والتي لا تتجاوز 01 في المائة في الوقت الراهن.
وعلى سبيل المثال لا المقارنة، كشفت الأرقام التي أعلنتها الهيئة الوطنية للإحصاء، فإن الصين، شهدت تخصيص ميزانية تفوق ميزانية المغرب العامة بأزيد من 7 أضعاف للبحث والتطوير.
لهذا فإن مبادرة المكتب الشريف للفوسفاط في دعم البحث العلمي عبر شراكة مع الوزارة المعنية، بغلاف مالي يصل إلى مليار درهم، يعطي الأمل للمرور إلى مرحلة متقدمة، والتحفيز لمؤسسات وطنية أخرى للانخراط في نفس الاتجاه، خاصة وأن المغرب أبان منذ سنوات طويلة أنه خزان لاينضب للكفاءات والأدمغة والأطر العليا في البحث، لكن تستفيد منها الدول الغربية.
وثمن عز الدين الميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي مبادرة المكتب الشريف للفوسفاط، معتبرا أن
من شأنها أن تواكب استراتيجية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وكذلك استراتيجية الجامعات في مجال البحث العلمي، بهدف ملاءمتها مع المعايير الدولية.
وأضاف أن البرنامج الوطني لدعم البحث والتنمية والابتكار يندرج في إطار جعل البحث العلمي والابتكار روافع أساسية للتنمية المستدامة وتنافسية البلاد والإشعاع الدولي للمملكة، كما أن هذا البرنامج يتميز باعتماد مقاربة "التمييز الترابي الإيجابي" الهادف إلى دعم المؤسسات المتواجدة خارج العاصمة الرباط، والمركبات التابعة لجامعاتها كأولوية، وفقا لروح الجهوية المتقدمة.
وأكد الوزير على التدابير المصاحبة لتعزيز تأثير هذا البرنامج، بما في ذلك تحسين حكامة نظام البحث الوطني في إطار استقلالية الجامعات، وإنشاء أقطاب علمية جهوية ومنصات تكنولوجية، وإنشاء وتعميم معاهد البحث الموضوعاتية (ITR)، بالإضافة إلى تعزيز رأس المال البشري العلمي، بهدف تشجيع بروز مجتمع علمي متميز، لا سيما من خلال تنويع وضع الباحثين وتوظيف الكفاءات المغربية المقيمة في الخارج،موضحا أن ذلك يشمل أيضا تحديث البنية التحتية للبحث، وإعادة تنظيم مدن الابتكار حسب الأقطاب الجهوية، وتقييم الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي 2025 ، بالإضافة إلى إعداد الاستراتيجية الجديدة في أفق 2035.
من جهته، قال عبد الهادي صهيب، الأمين العام لمؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، إن هذا البرنامج الطموح يعكس التزام مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بتعزيز الابتكار وتثمين البحث. كما يتماشى تماما مع أولويات التنمية المستدامة الوطنية، لاسيما المياه والطاقات المتجددة، واستخراج وتثمين الفوسفاط ومشتقاته، مشيرا الى أن البرنامج يعتمد على التعاون وإشراك جميع الأطراف المتدخلة في مجال البحث والتطوير، بما في ذلك مؤسسات البحث العلمي والباحثين؛ من أجل تشجيع ديناميكية جماعية حول التحديات العلمية والتكنولوجية التي يواجهها المغرب.