هاشتاغ سميع.. من ميكروفون الإذاعة إلى نجومية المنصات الرقمية

هاشتاغ سميع.. من ميكروفون الإذاعة إلى نجومية المنصات الرقمية الصحفي والمؤثر سفيان سميع
بدأ الصحفي والمنشط الإذاعي سفيان سميع مسيرته المهنية بإذاعة خاصة، وتميز بصوته المختلف عن زملاءه في الميدان وحضوره الآسر خلف الميكروفون، لكنه اليوم يُعد أحد أبرز الأسماء المؤثرة في الإعلام الرقمي المغربي، بفضل محتواه المعرفي المختلف، وقدرته على مخاطبة جمهور المنصات الاجتماعية، بأسلوب يجمع بين التثقيف والتشويق في كبسولته على الويب التي اختار لها عنوان "هاشتاغ سميع".

اشتهر سفيان سميع بنبرته الصوتية الخاصة التي تجمع بين العمق والدّفء، وتُصنَّف ضمن الأصوات "الباريتونية"، وهي نبرة موسيقية لا تخطئها الأذن، حتى إن نطقه لحرف "الراء" على شكل "غين" بات علامة صوتية مسجلة له، أسست هوية سمعية لـ "سميع".

خلال فترة دراسته في المعهد، أبان سفيان عن موهبة مبكرة، لدرجة أن لجنة لاختيار مقدمي البرامج لفائدة شركة إنتاج، اختارته لتنشيط مهرجان ثقافي ضخم بمدينة أصيلا، رغم كونه لا يزال في سنته الأولى بالمعهد، ورغم أن الكاستينغ كان موجها لطلبة السنة الثالثة المشرفين على التخرج، لكن أصر سفيان على المشاركة وحدث ما لم يكن بحسبان زملاءه والاستاذ المشرف على الاختبار، حيث تكلف بتقديم فقرات المهرجان وإجراء حوارات مع ضيوفه في الإذاعة الشاطئية لفعاليات تلك التظاهرة، وترك صدى طيبا لدى المنظمين والضيوف والجمهور، ونال اعتراف إدارة المعهد برتبة سفير إعلامي له، لم يتجاوز بعد حينها السنة الأولى من التكوين.
مباشرة بعد التخرج، انفتحت آفاق الاحتراف في المجال الاذاعي، لسفيان سميع، حيث راكم تجربة لافتة في التنشيط، وإدارة النقاش في برامج الراديو التفاعلية وتقديم الأخبار وإجراء لقاءات وحورات مع النجوم، بأسلوب مرح وطريقة خفيفة تساير العصر.

لكن سفيان لم يكتفِ بالنجاح وراء "المايك" الإذاعي، بل قرر مغادرة الراديو وخوض مغامرة جديدة في الإعلام الرقمي، بعد نقاش عميق جمعه بصديقه الفنان عبدو الشامي. وكان الموضوع يتمحور حول إمكانية إنتاج محتوى رقمي ذي قيمة، يبتعد عن التفاهة السائدة، ويستثمر أدوات الراديو في خدمة التثقيف والتأثير الإيجابي.
وُلد مشروع "هاشتاغ سميع"، من رحم التميز والمغامرة وهو سلسلة كبسولات بمواضيع هادفة، انطلقت في سنة 2020 على منصة يوتيوب، وحققت نجاحا لافتا تجاوز 30 مليون مشاهدة بحلول أبريل 2025، دون احتساب التفاعل على باقي المنصات. يعالج البرنامج بأسلوب مبسط وشيق مواضيع علمية وفلسفية مثل: "هل الأرض مسطحة أم كروية؟"، "ماذا لو اختفت البحار؟"، أو "السفر عبر الزمن.. أخطر تجربة علمية".

تجربة سفيان لم تتوقف عند "هاشتاغ سميع"، بل انتقل إلى السينما من خلال مشاركته هذه السنة في فيلم "زاز"، من إخراج يوسف المدخر، حيث جسد سميع دور مراسل صحفي لقناة "الريح" يُطارد مشاهير "البوز"، في انتقاد ساخر لنموذج إعلامي سبق له أن تناوله بشكل غير مباشر مرارا في محتواه الرقمي.
الفيلم الذي شارك فيه سفيان سميع يُصنّف ضمن "الدراما _ الكوميدية" وهو من بطولة الفنان عبدو الشامي، ويُعد أول تجربة سينمائية له، و يسلّط الفيلم الضوء بأسلوب ساخر على ظاهرة الشهرة الرقمية وتبعاتها و المشاكل النفسية والاجتماعية التي تخلفها الشهرة السريعة.

كما خاض سفيان سابقا، تجربة الأداء الصوتي في سلسلة رسوم متحركة موجهة لليافعين عبر الويب، مؤكدا تنوع أدواته الفنية وقدرته على التأثير في مختلف الأعمار والفضاءات، من الإذاعة إلى السينما، مرورا بالأنمي الرقمي.

في ضوء هذا المسار، يتساءل المتابعون لمسار الصحفي والمؤثر سفيان سميع :
هل سفيان حالة معزولة أم نموذج لتحول أوسع يعرفه الإعلام المغربي؟..
سؤال مشروع في ظل موجة الهجرة من الصحافة الكلاسيكية نحو فضاءات رقمية مفتوحة، يفرض فيها الألغوريتم قواعده، لا الخط التحريري، في فضاء افتراضي أرحب غير قوانين الوصول والتأثير بشكل مبهر.

في زمن تنتشر فيه شعارات مثل "شاهد قبل الحذف" و"كبّسْ ولا تقرأ"، و"شاهد قبل الحذف" استطاع سفيان سميع أن يُحدث فرقا، بصوت ينتمي لعالم الإذاعة، لكنه وجد في منصات التواصل ساحة جديدة للطرح العميق والمعالجة الذكية.

هاشتاغ سميع، إذن، ليس مجرد محتوى رقمي، بل تجربة ملهمة تُعيد الاعتبار للفكر وسط الفوضى، وتُذكر بأن التأثير الرقمي لا يحتاج بالضرورة إلى الصراخ والألفاظ الخادشة للحياة واللقطات الإيروتيكية، بل إلى من يُجيد مخاطبة العقل والوجدان في آن واحد بسلطة المواضيع الهادفة.