بنصديق: الصهيونية مشروع استعماري غير شرعي: الاحتلال الصهيوني لفلسطين من منظور أركان الدولة والقانون الدولي

بنصديق: الصهيونية مشروع استعماري غير شرعي: الاحتلال الصهيوني لفلسطين من منظور أركان الدولة والقانون الدولي محمد بنصديق
إسرائيل لم تقم على حق تاريخي لليهود في فلسطين، بل نشأت كحركة استعمارية إحلالية قائمة على الاحتلال والقوة. وفقا لأركان تأسيس الدول والقانون الدولي، فإن هذا الكيان لا يمتلك أي شرعية قانونية أو أخلاقية. منذ عام 1948، حاولت الدعاية الصهيونية الترويج لفكرة أن "إسرائيل" دولة شرعية قامت على أساس تاريخي وديني، لكن الحقائق تكشف زيف هذه الادعاءات، وتؤكد أن إسرائيل ليست إلا مستعمرة حديثة نشأت عبر التهجير القسري والاستيطان المدعوم من القوى الغربية.
 
أولا: الصهاينة ليسوا شعبا موحدا بل مستعمرون من شتى بقاع العالم.
اليهود الذين جاؤوا إلى فلسطين من مختلف بقاع العالم كانوا يحملون جنسيات دولهم الأصلية، ولم يكونوا "إسرائيليين" لأن إسرائيل لم تكن موجودة قبل 1948. الدين ليس أساسا قانونيا لامتلاك أرض، فالدول تتأسس بناء على عناصر سياسية وقانونية، وليس بناء على انتماء ديني. اليهود المغاربة مغاربة، واليهود الأوكرانيون أوكرانيون، واليهود الإيرانيون إيرانيون، وليس لهم أي ارتباط جغرافي أو قومي بفلسطين.

لم يكن اليهود الذين عاشوا في فلسطين قبل الاحتلال الصهيوني يطالبون بدولة مستقلة، بل كانوا جزءا من النسيج الاجتماعي الفلسطيني. المشروع الصهيوني لم يكن حركة "عودة طبيعية" كما يدعون، بل كان جزءا من خطة استعمارية دعمها البريطانيون والأمريكيون لتنفيذ مصالحهم الجيوسياسية في المنطقة.
 
ثانيا: اليهود الفلسطينيون قبل الصهيونية .. تعايش تاريخي ونسيج اجتماعي موحد
لم يكن اليهود الذين عاشوا في فلسطين قبل الاحتلال الصهيوني يسعون إلى إقامة دولة مستقلة، بل كانوا جزءا أصيلا من النسيج الاجتماعي الفلسطيني، يتعايشون بسلام مع المسلمين والمسيحيين ضمن مجتمع متعدد الثقافات والأديان. على مدار قرون، عاش اليهود الفلسطينيون في المدن والقرى، وشاركوا في الحياة الاقتصادية والثقافية، وكانت لهم معابدهم ومدارسهم الخاصة دون أن يتعرضوا للاضطهاد أو التمييز.

لكن مع ظهور المشروع الصهيوني في أواخر القرن التاسع عشر، بدأ الاستعمار الغربي في دعم هجرة يهودية منظمة إلى فلسطين، ليس بهدف الاندماج في المجتمع القائم، بل بهدف إقامة كيان استيطاني إحلالي يقوم على تهجير السكان الأصليين. استخدم الوجود اليهودي التقليدي في فلسطين كذريعة لتمرير هذا المشروع، رغم أن غالبية يهود فلسطين رفضوا الفكرة الصهيونية، وأصروا على انتمائهم للأرض والمجتمع الفلسطيني. غير أن القوى الاستعمارية، وعلى رأسها بريطانيا، فرضت هذا المشروع بالقوة، مما أدى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني وخلق صراع لم يكن له وجود قبل التدخل الاستعماري.
 
ثالثا: إسرائيل لا تستوفي أركان الدولة الشرعية.
القانون الدولي يحدد أربعة أركان رئيسية لقيام أي دولة: الشعب، الإقليم، السلطة السياسية و السيادة.
فإسرائيل لا تستوفي أركان الدولة المعترف بها قانونيا:
الشعب يجب أن يكون أصيلا ومستقرا في أرضه، بينما سكان إسرائيل يتكونون من مستوطنين جلبوا من أكثر من 70 دولة، وتم تهجير السكان الأصليين بالقوة.
الإقليم الذي قامت عليه إسرائيل هو أرض فلسطينية احتلت بالقوة، ولم تكن أرضا فارغة كما ادعى الصهاينة.
السلكة السياسية الإسرائيلية لم تنشأ بإرادة شعبية داخلية، بل فرضت عبر الاستعمار البريطاني والدعم الأمريكي، مما يجعلها كيانا تابعا وليس مستقلا.
السيادة، التي تعد ركنا أساسيا في قيام الدول، غير متحققة في إسرائيل، حيث إنها لا تملك حدودا واضحة وتعتمد بشكل شبه كامل على الدعم العسكري والاقتصادي الغربي.
"إسرائيل" لا يتوفر ولو ركن واحد من أركان تأسيس الدولة الأربعة، كما أنها ليست دولة مستقلة، بل كيان تابع للقوى الاستعمارية، مما يجعلها غير مؤهلة للاعتراف بها كدولة ذات سيادة حقيقية.
 
رابعا: الصهيونية ليست حركة تحرر وطني بل مشروع استيطاني إحلالي.
الصهيونية ليست حركة تحرر وطني كما تدعي، بل مشروع استيطاني إحلالي يهدف إلى طرد السكان الأصليين وإحلال مستوطنين مكانهم. لم يكن الاستيطان الصهيوني مجرد هجرة طبيعية، بل كان خطة استعمارية مدروسة لتنفيذ الإحلال السكاني.

تم تهجير الفلسطينيين الأصليين بالقوة وارتكبت بحقهم المجازر مثل مذبحة دير ياسين يوم 9  أبريل 1948 ، بهدف تفريغ الأرض من سكانها الأصليين. كما تحالفت الحركة الصهيونية مع القوى الاستعمارية الكبرى، بدءا من بريطانيا ثم الولايات المتحدة، لضمان استمرار وجودها في المنطقة كقاعدة استعمارية متقدمة.
 
خامسا: الدعم الاستعماري للصهيونية من وعد بلفور إلى اليوم.
منذ وعد بلفور 1917، حيث منحت بريطانيا "وعدا" لليهود بإقامة وطن قومي على أرض لا تملكها، بدأ المشروع الصهيوني يتوسع بدعم غربي. خلال فترة الانتداب البريطاني، حيث سمح للصهاينة بامتلاك السلاح وتكوين ميليشيات مسلحة مثل "الهاغاناه"  و"إرغون" ، بينما منع الفلسطينيون من امتلاك حتى أبسط أدوات الدفاع عن أنفسهم.

لاحقا، بعد قيام الكيان الإسرائيلي، أصبحت الولايات المتحدة هي الداعم الرئيسي لإسرائيل، حيث تقدم لها دعمًا عسكريا واقتصاديا غير مشروط، لضمان بقائها كقاعدة استعمارية متقدمة في المنطقة.
 
سادسا: إسرائيل كيان استعماري قائم على إنكار الهوية الفلسطينية.
إسرائيل ليست كيانا شرعيا لأنها قامت على إنكار وجود الشعب الفلسطيني وطمس هويته. حاول الصهاينة الادعاء بأن فلسطين لم تكن موجودة تاريخيا، رغم أن فلسطين كانت معروفة بحدودها وسكانها وثقافتها قبل الاحتلال الصهيوني. الهدف من هذا الإنكار كان تبرير الاستيطان وإضفاء شرعية على كيانهم المصطنع. لكن الاستعمار مصيره الزوال، وإسرائيل ليست استثناء من هذه القاعدة، بل هي مشروع استعماري مصيره الفشل، تماما كما فشلت مشاريع استعمارية أخرى مثل جنوب إفريقيا ونظام الأبارتهايد .
 
إسرائيل كيان استعماري زائل
إسرائيل ليست دولة شرعية، بل كيان استعماري مفروض بالقوة، ومبني على التهجير والتطهير العرقي. لم يكن لليهود الصهاينة أي حق قانوني أو تاريخي يبرر قيام كيانهم على حساب الشعب الفلسطيني. ومع مرور الزمن، فإن الاحتلال الصهيوني لن يكون استثناء من مصير الاستعمار عبر التاريخ، وسيتحقق التحرير كما حدث في الجزائر وجنوب إفريقيا. القوة وحدها لا تصنع الشرعية، والحق الفلسطيني لن يسقط بالتقادم.