الحوار القطاعي في التعليم لم يكن سوى مسرحية رديئة الإخراج، مكشوفة الأدوار منذ البداية...
كلنا كنا نشعر بأن اللعبة زمنية وليست خلافية...
كنا كنا نعلم... أن زمنا جديدا للتحكم في النقابات انطلق وفق ترسانة قانونية... بعدما لم تنجح مقاربة الدعم... والإغراء...
وصلنا إلى طريق مسدود...
منذ البداية، كان كل شيء محسوبًا بدقة: المماطلة، إنهاك النقابات ، دفع التنسيقيات نحو العزلة قانونيا، وإحراج النقابات أمام قواعدها حتى تصبح بلا تأثير. ...
ثم، حين اكتملت الحلقة، بدأ الحسم: لا تنازلات، لا حلول، فقط قرارات جاهزة وقوانين صارمة تكبّل أي محاولة للتمرد...
ماكان مكسبا بالأمس غدا اليوم وهما...
والنقابات في حين بيص...
ماذا تبقي لها غير الانسحاب...
ولوائح تشهر فيها أسماء قيادية نقابية تبدو كأنها كانت تدافع عن وضعها المهني، وأخرى تبدو الغانمة بامتياز من مجزرة إعفاء المديرين الإقليميين...
لقد كان الحوار الاجتماعي في جميع مراحله مجرد تكتيك لإضاعة الوقت، عملية إلهاء ممنهجة لتمرير قانون الإضراب دون مقاومة تُذكر. لم يكن الأمر مجرد تعنّت حكومي، بل خطة مُحكمة أعدّت على نار هادئة، لضرب العمل النقابي في الصميم. واليوم، لم يعد الإضراب مجرد وسيلة احتجاج، بل مغامرة محفوفة بالمخاطر، قد تقود أصحابها إلى السجن بتهم جاهزة مثل "عرقلة السير العادي للمرفق العام". التنسيقيات أصبحت مستهدفة، والنقابات لم تعد تملك حتى القدرة على المناورة، فمَن سيحمي مَن؟
لكن اللعبة لم تقتصر على القوانين والقرارات. فهناك معركة أخرى، أكثر خبثًا، تدور في الخفاء. ليس السلطة وحدها من تفرض الحصار، بل هناك أقلام تعمل من الظل، تهاجم بلا هوادة، وتزرع الشكوك في كل الاتجاهات. تم الترويج لخطابات تُحمل النقابات مسؤولية الفشل، بل يُقال إن بعض القيادات خرجت مستفيدة من "غنيمة الحوار"، وإن أحد النقابيين حصل على منصب مدير إقليمي كمكافأة على التواطؤ. الاتحاد المغربي للشغل، تحديدًا، وجد نفسه في قلب العاصفة، وسط حملة تهدف إلى ضرب مصداقيته وإثارة الفتنة داخله. إنها حرب نفسية، هدفها ليس فقط تشويه العمل النقابي، بل قتله معنويًا حتى يصبح بلا قيمة، بلا تأثير، بلا شرعية.
وهكذا، يتم الدفع بالنقابات نحو الموت البطيء، بينما يتم حصار التنسيقيات بالقوانين والزجر والتهديدات. بعد الإعلام، جاء دور النقابات، وغدًا ربما يأتي الدور على آخر معاقل المقاومة.
ما يحدث ليس مجرد أزمة قطاعية، بل إعادة صياغة لقواعد اللعبة بالكامل. المرحلة الجديدة لا تحتمل أصواتًا معارضة، ولا مجال فيها لمن يرفض الخضوع. لقد تم فرض القواعد الجديدة، ولم يبقَ سوى انتظار الأسوأ.