ويعتبر الدكتور سعيد منتسب ظاهرة أدبية ، له العديد من الروايات والدواوين الشعرية خلقت حركة ثقافية وشعرية في العديد من اللقاءات، كانت آخرها تلك التي نظمتها مؤخرا شبكة القراءة بالمكتبة الوسائطية بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، وهي جزء من الدينامية التي أعطت نفسا جديدا في المجال الثقافي بالمغرب.
مهمته كسكرتير عام بجريدة الاتحاد الاشتراكي، لم تثنه عن الخوض في تجربة الكتابة الأدبية والشعرية التي ما فتئت تفتح أفاقا جديدة حول تطوير تقنيات الكتابة في مجالات متعددة ومتنوعة.
القراءة بالنسبة لسعيد منتسب كالصلاة، هي عشق قديم يسكن وجدانه منذ زمن بعيد، فالمسافة بينه وبين الحياة هي نفس المسافة التي تفصله عن الكتابة، لا يتوقف عن المشاكسة في طرح العديد من الأسئلة حتى تتحقق رغبته في الوصول إلى أجوبة مقنعة.. يحمل في يده مطرقة يحطم بها الأحجار التي تلف العقول في ظل العتمة الفكرية التي تجتاح المجتمع، لا ترتكز كتاباته على أسس طبيعية مبتذلة ومألوفة، بل يذهب بفكره إلى أقصى الهوامش ويحكي عنها في قالب إبداعي، قصصا يبرز من خلالها أن ما يجب الاهتمام به هو الهامش.
"ترتكز رواية حساء بمذاق الورد" على محكي استرجاعي تتشابك فيه الذاكرة مع التناصات البورخيسية والأسطوري والسحري والسريالي والمعرفي وهو ما يسمح بالقول إننا أمام سرد مغربي لا تتحدد علاقته مع الآداب أو التيارات الأدبية الأخرى بالتأثير أو التفاعل فحسب، بل إنه سرد منشغل بنفسه بوضوح، يستنبت أسئلته الخاصة، ويبني وضعياته المتحولة باستمرار، ويعمل في مختبراتها التي أنشأها لتحقيق التجاوز.
إنها رواية تنجز استراتيجيات كتابية خاصة عبر الاعتماد على خطاطات سردية منفصلة ومتصلة في الوقت نفسه. وتبعا لذلك، أمكننا القول إن هذا العمل تعبير عن انكسار للحواجز بين سرديات الآداب العالمية، وكذلك بين أشكال التعبير وأنواع المعرفة الأخرى.
الرواية تحشرنا في منطقة ممغنطة، ذلك أن مستوى الالتواء فيها مرعب وبالغ التعقيد، خاصة أنها رواية "سفر" من نوع آخر، سفر خارج الأرض بحثا عن الأم الميتة مع كل المشاق التخييلية والسيكولوجية والهذيانية التي يستدعيها هذا النوع من السفر.
وهذا ما يتطلب على نحو مؤكد قراءة متعددة الاتجاه، لأن هذه الرواية مكان جيد للعب مع القارئ، ومع الكاتب، وأيضا مع المضمرات التي يسعى هذا الأخير إلى حجبها وطمسها."..