قبل أيام أجرى سفير الجزائر في واشنطن، وزير خارجيتها السابق والفاشل، صبري بوقادوم، حواراً صحافياً مع إحدى المؤسسات الإعلامية الأمريكية، فتحدث عن الأراضي العذراء، "بالجزائر الجديدة"، وخزّاناتها الباطنية من المعادن الثمينة والنادرة، والتي ليس من المستبعد ان تكون امتداداً لمكنونات الأرض المغربية، وكيف لا، ومُعظمُها مُقتطَعٌ ومسروقٌ من التراب المغربي في وَضَحِ النهار منذ زمن الحماية غير المأسوف على ذهابها... وقال إن بلاده على استعداد بموازاة ذلك للتحوّل إلى زبون كبير ومُربِح لشركات صناعة الأسلحة الأمريكية، وزاد على ذلك إغراءاتٍ أخرى لا يتسع المقام ولا المقال للإطناب فيها، تسير كلها باتجاه إسالة لُعاب الرئيس ترامب، ومِن ورائه رجال الأعمال الأمريكيين، الذين ضاقوا ذرعاً بالسرعة القصوى التي تسير بها الصين، على الخصوص، في تنافسها الرهيب مع مؤسسات الإنتاج المدني والعسكري الأمريكية، وكذلك الروسية بالمناسبة، وكل أمل السفير الفاشل صبري بوقادوم، أن يُثقل كاهل البيت الأبيض ورجال أعماله والنافذين فيه بخيرات الجزائر وكل ذلك، من أجل ثَنْيِ الرئيس دونالد ترامب عن الذهاب بعيداً في دعمه لمغربية الصحراء من جهة، وفي ما يبديه من التأهُّب لإعلان ضم البوليساريو إلى قائمة الجماعات الإرهابية من جهة ثانية، وهو القرار الذي من شأنه أن يُرَتّب الجزائر ذاتَها في خانة الدول الراعية للإرهاب وبالتالي، المارقة!!
من أجل سواد عيون ابن بطوش وعصابته الطفيلية إذَنْ، تتعرى الجزائر عن بكرة أبيها في أزقة واشنطن، وتَعرِض محاسنَها على الأمريكيين وتقول لرئيسهم ترامب بلسان سفيرها لدى البيت الأبيض: "هيت لك"، كما قالت امرأة العزيز للفتى يوسف... فيا له من خِزي، ويا له من عار لن يؤتي أٌُكلَه بكل تأكيد، مادام الواقع يلفظ ذلك كله ويلقي به إلى صناديق القمامة، من خلال الأنباء المتهاطلة كأمطار هذه الفترة الواعدة من شتاء مارس، عن توالي نزول الاستثمارات الأمريكية بتراب اقاليمنا الجنوبية بوتيرة غير مسبوقة، وإنّ ذلك لَخيرُ جواب على الذِّلَّة الجزائرية التي تخطت كل الحدود بين عشية تصريحات السفير بوقادوم وضُحاها!!
بالمناسبة، فإن هذا الفعل البِغائي الذي ارتكبته الجزائر، من خلال شطحات سفيرها في واشنطن، يُنْبِئُ عن فشل مسبق كان على السفير الغبي ودولته أن ينتبهان إليه قبل وقوع فأس الخيبة في الرأس، وهو أن مخاطبة الرئيس الأمريكي وبيته الأبيض ودولته العميقة من خلال مؤسسة إعلامية إنما يدل بوضوح مؤلم عن تقطُّع السُّبُل بسفيرٍ عجز العجزَ كلًَه عن فتح قناةٍ، ولو واحدة، للاتصال والتواصل مع رئيس الدولة الأمريكية، أو على الأقل مع رئيس الدبلوماسية في حكومة ترامب، كما يفعل عادةً السفراء النَّشِطون والناجحون، ولذلك اكتفى بمخاطبة المسؤولين ورجال الأعمال الأمريكيبن ورئيس بيتهم الأبيض من وراء حجاب، تماماً كما تفعل النسوة المحتشمات عند مخاطبتهن للذكور من الأغراب (!!!)، فيالها من مصيبة دبلوماسية متفرِّدة في هَوْلِها، وياله مرة أخرى من سقوط يَصُمُّ دَوِيُّهُ الآذان... والمصيبة الأعظم أن حكام الموراديا بكل دهاقنتهم ومستشاريهم وحوارييهم، ومعهم السفير المغبون ذاتُه، لا يملكون من الذكاء والفطنة ما يؤهلهم للوعي بما فعله بهم ذلك السفير، ليس من تلقاء نفسه كما يبدو لأوّل وهلة، بل بإيعاز من عجزة ذلك النظام أنفسهم، الضاربة عقولهم بفعل العربدة اليومية في أُتونِ بَلادةٍ منقطعةِ النظير!!
لقد قدّم النظام الجزائري عذارى ترابه من المعادن النفيسة، ومعها مخزوناته من العملة الصعبة، الصعب تحصيلها في الزمن الجزائري الراهن والرديء، سلعةً رخيصةً لرجالات الولايات المتحدة الأمريكية لمجرد حقن ماء وجه شمكارهم إبراهيم غالي، وطز في كل الجزائرين، المنتظمين ليلَ نهارَ في طوابير رمضانية لا تنتهي، ومن المرجح أنها طوابير مؤبَّدة، ما لم يلفظ ذلك النظام الكسيح آخر أنفاسه... تُرى متى يتحقق ذلك؟.. ذاك هو السؤال!!!