لا حديث في أوساط العديد من المواطنين هذه الأيام سيما على قضية غلاء الأسعار، حيث أصبح المرء يفكر ألف مرة قبل الدخول إلى السوق من أجل شراء ما يحتاج إليه. ويحتج العديد من المواطنين على الزيادات المتتالية في العديد من المواد الاستهلاكية.
وقد اتخذت الاحتجاجات هذه المرة طابعا مختلفًا، حيث انتفض بعض المواطنين في ضواحي تازة ورباط الخير بإقليم صفرو يوم الاثنين 10 مارس 2025 ضد مجموعة من الباعة، مطالبينهم بعدم عرض سلعهم بسبب غلاء أسعارها.
ويعكس هذا التحرك حالة الغضب الشعبي تجاه تزايد تكاليف المعيشة، خاصة في وقت كان من المتوقع أن تنخفض الأسعار خلال شهر رمضان، إلا أن العكس هو الذي حدث. وقد زاد من حدة الغضب تفجر قضية "مول الحوت" في مراكش، ما دفع البعض إلى الاحتجاج ضد الباعة، رغم أنهم أنفسهم لا حول لهم ولا قوة في ملف الغلاء، الذي يطال العديد من المواد الاستهلاكية.
وفي هذا السياق، يرى محمد حراكات، الأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ما وقع في ضواحي تازة والرباط ليس احتجاجًا موجّهًا ضد الباعة الصغار بحد ذاتهم، بل هو تعبير عن رفض عام للسياسات الاقتصادية الحكومية. وأوضح أن المواطنين يدركون أن هناك احتكارًا وتضاربًا في الأسعار، وأن هامش ربح الباعة محدود جدًا، ما يجعل هذه الاحتجاجات رسالة واضحة للحكومة بأن الغلاء أصبح لا يُحتمل ويهدد الاستقرار الاجتماعي في البلاد.
ويواجه المواطنون في عدة مدن موجة الغلاء وسط غياب تواصل حكومي فعال، حيث فضّلت الحكومة الصمت بدل تقديم حلول ملموسة للأزمة. ويؤكد حراكات أن "ضعف التواصل الحكومي يزيد من حدة التوتر، خاصة أن المواطنين يشعرون بأن معاناتهم يتم تجاهلها، بينما الأصوات التي تنادي بتخفيض الأسعار تصرخ بلا جدوى".
من جانبه، يرى الحسين الوردي، الكاتب العام الجهوي للتجار والمهنيين بأسواق الجملة للخضر والفواكه بجهة الدار البيضاء - سطات، أن للمواطنين حق الاحتجاج، لكنه شدد على ضرورة أن يكون ذلك بشكل سلمي ودون عنف. وأضاف أن الباعة هم الحلقة الوسطى بين المواطنين والمهنيين والوسطاء، وهم بدورهم يعانون من ارتفاع الأسعار. ولذلك، فإن الامتناع عن شراء وعرض السلع الغالية قد يكون أحد الحلول، حتى لا يصبح الباعة جزءًا من المشكلة وتتحول الاحتجاجات ضدهم.
ويبقى السؤال المطروح: هل ما وقع في ضواحي تازة والعاصمة الرباط حالات معزولة، أم أن ظاهرة الاحتجاجات على الباعة من قبل المستهلكين ستتضاعف؟ وكيف سيكون رد فعل الحكومة إذا استمرت هذه الاحتجاجات في التوسع؟ الحل الوحيد لتفادي تكرار مثل هذه الأحداث هو خفض الأسعار، وتشديد المراقبة، بل وربما اتخاذ قرار بتسقيف أسعار بعض المنتجات الأساسية كاللحوم والدجاج.