أخي الجزائري،
أكتب إليك هذه الرسالة بصفتي مواطنًا مغربيًا يحب بلده كما تحب بلدك، ويحلم بوحدة المغرب الكبير كما حلم بها آباؤنا وأجدادنا الذين قاوموا الاستعمار جنبًا إلى جنب، في معركة التحرير، لا في معارك سياسية زائفة مثل التي فرضت علينا بعد الاستقلال.
أعرف أن حديث العداء للمغرب قد ترسّخ في وجدان كثير من إخواننا الجزائريين، ليس لسبب حقيقي، ولكن بسبب عقود من الشحن الإعلامي والتجييش السياسي الذي صنع عدوا وهميًا لبلدكم، لتُصرف أنظاركم عن العدو الحقيقي الذي ينهب خيراتكم ويكتم أنفاسكم ويغلق عليكم باب الحرية والديمقراطية.
من المستفيد من العداء بين المغرب والجزائر؟
ليس المغرب، ولا الشعب المغربي، الذي ظل على مدى العقود يدعو للحوار والتفاهم وإعادة فتح الحدود، مؤمنًا بأن ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا. وليس الشعب الجزائري، الذي يعاني في صمت بينما تُهدر ثرواته على دعم كيان وهمي لا مستقبل له، وتمويل حملات عدائية ضد جارٍ لم يصنع إلا الخير لشعب الجزائر منذ الاستقلال.
المستفيد الحقيقي هو النظام الذي تسلّط على الجزائر منذ 1962، الذي سرق ثرواتها النفطية، وأجهض كل محاولات الانتقال إلى الديمقراطية، وجعل من الجيش وصاية على الحكم بدلًا من أن يكون حاميًا للوطن. ولأنه يخشى أن يستفيق الشعب الجزائري، فقد صنع له “عدوًا خارجيًا” يُشغله به عن مشاكله الحقيقية.
المغرب كان من أوائل الداعمين لاستقلال الجزائر
أخي الجزائري، هل تعلم أن المغرب لم يكن يومًا عدوًا للجزائر، بل كان من أكثر الداعمين لها في كفاحها ضد الاستعمار الفرنسي؟
* منذ اندلاع ثورة التحرير الجزائرية سنة 1954، فتح المغرب حدوده لمقاتلي جبهة التحرير الوطني، وسمح بتدفق الأسلحة والإمدادات عبر أراضيه، رغم أنه كان قد نال استقلاله حديثًا عام 1956، وكان لا يزال يعاني من آثار الاحتلال الفرنسي.
* احتضن المغرب قادة الثورة الجزائرية، وقدم لهم الملاذ الآمن والتسهيلات، في وقت كانت فيه دول أخرى تتجنب مواجهة فرنسا خوفًا من العواقب.
* عندما عرضت فرنسا على المغرب استعادة الأقاليم التي ضمتها للجزائر خلال فترة الاستعمار، رفض الملك محمد الخامس التفاوض حول الموضوع، معتبرًا أن أي حديث عن الحدود يجب أن يتم بعد استقلال الجزائر، احترامًا لنضال الشعب الجزائري ووعدًا لقادة جبهة التحرير الوطني الذين طمأنوه بأن القضية ستناقش بعد الاستقلال.
* ولكن، بعد أن نالت الجزائر استقلالها سنة 1962، انقلب النظام الجزائري على وعوده، وتنكر لهذا الالتزام، وشنّ حرب الرمال سنة 1963 ضد المغرب، ورغم خسارته لها، استغلها كذريعة لإذكاء الكراهية ضد المغرب، وتحويلها إلى مبدأ أساسي في سياسته الداخلية والخارجية.
المغرب يمد يده للجزائر.. لكن النظام الجزائري يرد بالعداء
منذ اعتلائه العرش سنة 1999، لم يتوقف الملك محمد السادس عن الدعوة لفتح صفحة جديدة بين المغرب والجزائر، مبنية على الحوار والتعاون، بدل الصراعات المفتعلة.
• في خطاب العرش سنة 2021، قال الملك محمد السادس بكل وضوح: “نجدد الدعوة الصادقة لأشقائنا في الجزائر، للعمل سويا، دون شروط، من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار.”
• كما أكد أن الحدود المغلقة بين البلدين لا تخدم إلا من يريد زرع الفرقة والعداء بين الشعبين، مضيفًا: “إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي، ومبدأ قانوني أصیل، تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي”.
هذه ليست مجرد كلمات، بل مواقف ثابتة تبناها المغرب منذ عقود. حتى بعد قطع الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في 2021، لم يرد المغرب بالمثل، بل أبقى على سفارته مفتوحة، وحرص على عدم الدخول في دوامة التصعيد الإعلامي والدبلوماسي.
في المقابل.. ماذا يقول حكام الجزائر؟
بينما يمد المغرب يده إلى الجزائر، لا يتوقف النظام الجزائري، وعلى رأسه الرئيس عبد المجيد تبون، عن تكرار خطاب العداء والتحريض ضد المغرب، في كل مناسبة، وبدون أي مبرر عقلاني.
• في 2022، صرح تبون في مقابلة تلفزيونية: “لن نتصالح مع المغرب، ولن نفتح الحدود، والمغرب هو السبب في كل الأزمات.”
هل حقًا المغرب هو سبب مشاكل الجزائر؟ أم أنكم تعرفون أن مشاكلكم الحقيقية تتعلق بغياب الديمقراطية، وتدهور الاقتصاد، وانتشار الفساد داخل نظامكم؟
• النظام الجزائري لم يكتف بالخطابات العدائية، بل اتخذ خطوات تصعيدية غير مبررة، مثل: 1.قطع العلاقات الدبلوماسية في 2021 بحجج واهية. 2.إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية، رغم أن ذلك يضر بالجزائريين كما يضر بالمغاربة. 3.وقف إمدادات الغاز نحو المغرب عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، رغم أن ذلك لم يضر المغرب بقدر ما أضر بالاقتصاد الجزائري نفسه
حان الوقت لإنهاء هذا العبث
المغرب والجزائر بلدان شقيقان، ولا شيء يبرر هذا العداء المصطنع.
• نحن في المغرب لا نكن لكم إلا المحبة والاحترام، ونتمنى لكم الخير كما نتمناه لأنفسنا.
• نحن نعلم أن الشعب الجزائري لا يختزل في حكامه، بل هو شعب حر يستحق حياة كريمة وديمقراطية حقيقية.
• نحن نعلم أن المستقبل الذي يحلم به شباب المغرب والجزائر هو مستقبل مبني على التعاون، وليس على العداء الوهمي الذي زرعه النظام الجزائري في الأذهان.
رسالة أخيرة لك أخي الجزائري
لاأطلب منك أن تصدقني، ابحث بنفسك، اسأل نفسك، قارِن بين الخطابات والمواقف، وستعرف أين هي الحقيقة.
• ملك المغرب يدعو للحوار، ورئيس الجزائر يدعو للقطيعة.
• المغرب يفتح قلبه للجزائر، والجزائر تغلق كل الأبواب.
• المغرب لا يروج للكراهية، بينما النظام الجزائري جعل من العداء عقيدة إعلامية.
الاختيار واضح، والمسؤولية تقع عليكم كجزائريين لكي تقولوا كلمتكم: هل تريدون أن تبقوا رهائن للعداء المصطنع، أم أن الوقت قد حان لكسر هذا الجدار الزائف الذي بنوه بيننا؟ أخوك المغربي، محمد الغيث ماء العينين