محمد عزيز الوكيلي: "ضربني وبكى.. وسبقني وشكى"!!

محمد عزيز الوكيلي: "ضربني وبكى.. وسبقني وشكى"!! محمد عزيز الوكيلي
هذا المثل المغربي، القُحّ، ينطبق بحذافيره على جارة السوء، التي تملأ الدنيا في هذه الأيام عويلاً لأن المغرب كما يقول إعلامُها الرسمي وغيرُه وكلاهما رسمي بكل اامعايبر، يُهدد أمن الجزائر واستقرارها، ويأتي معه إلى حدودها بخصوم يطردون النوم ويَقُضُّون المضجع!!

الكلام هنا عن المناورات العسكرية التي يستعد لها المغرب هذه الأيام بمعية فصائل من الجيش الفرنسي، والتي ستُجرى في سبتمبر القادم، وهذا أمر طبيعي، وفي غاية البساطة والمشروعية، لأنه يتحقق بين دولتين صديقتين تتمتعان بكامل سيادتهما الوطنية، وتنشدان دعم أواصر الصداقة والتعاون بينهما في شتى المجالات، بما فيها المجال الأمني والعسكري... فما الذي يعني حكام الجزائر في هذا الحدث؟ ومتى كان لمنطقة الرشيدية التي ستجري فيها هذه التداريب العسكرية الثنائية علاقة بسيادة الجزائر، أم أن الأمر منسوخ عن حادثة قميص فريق نهضة بركان لكرة القدم، الذي شكل في إبّانه مساساً خطيراً بتلك "السيادة السائبة"؟!

المناورات اختيرت لها منطقة صحراوية مغربية مائة في المائة، هي إقليم الرشيدية، قصر السوق سابقاً، اللهم إلاّ إذا اعتبرها حكام الموراديا امتداداً لذات السيادة التي أضر بها ذلك القميص، الذي صار من جراء ذلك وصيفاً لقميص النبي يوسف في الانتشار والشهرة!!

قبل أشهر معدودة، أجرت الجزائر مناورات عسكرية برفقة قوات من الجيش الروسي، على مرمى حجر من حدودنا الشرقية، ولم يحرك المغرب ساكناً، لأن ذلك الحدث "جزائري/روسي" سيادي، وبالتالي لا يعنينا في ايِّ شيء، خاصة أننا لسنا أصحاب "فزّ" يستدعي "القفز"، استعارةً من المثل المغربي: "مول الفز كيقفز"، ونحن "كرشنا ما فيها عجينة"، بخلاف كرش عجزة الموراديا، الذين "يحسبون كل صيحة عليهم"، كما ورد في التنزيل الحكيم في الوصف الربّاني لأهل الشقاق والنفاق، ولذلك يتحسّسون رؤوسهم كلما ذُكِرَ اسمُ المملكة المغربية، فما بالنا واسمُها الآن سيصير مقروناً بهدير الطائرات، وانفجارات القذائف والقنابل والصواريخ، وفي منطقة نراها نحن بعيدةً عنهم، ويرونها من فرط خوفهم وبأعين الرعب المتمكِّن منهم قريبةً ولصيقة!!

أتذكّر هنا، بالمناسبة، أننا شاركنا دائماً وبقوة في مناورات الأسد الإفريقي، وفي تداريب حربية ميدانية مع قوات المارينز الأمريكية، في مناطق أكثر قرباً من حدودنا مع الجزائر، ولكن نظام هذه الأخيرة لم تصدر عنه مُطلقاُ بإزاء ذلك ولو مجرد همهمة، لأن المعني بالأمر هنا هي الولايات المتحدة الأمريكية، وما أدراك ما الولايات المتحدة الأمريكية، وليست جمهورية فرنسا الخامسة، التي يتبادل الجزائريون معها بين الحين والآخر لطمات وقرصات نسوية لا تؤلم ولا تُقَدِّمُ أو تُؤَخّر، وإنما تتبادلانِها على سبيل دُعابةٍ تنتحلُ صفة الجِدّية والصرامة، بلا أدنى صرامة أو جِدّية في معيار الواقع!!

ما الذي يريده الآن عجزةُ الموراديا؟!
هل يريدون أن نستشيرهم مُسْبَقاً حول المنطقة التي يفضّلون، هم وليس نحن، أن نُجري فيها تماريننا العسكرية؟!

أم هل يرمون فقط لفتَ انتباه ماماهم فرنسا إلى أنهم ضاقوا ذرعاً بخصومتهم معها، وينتظرون منها إشارة، أي إشارة كيفما كان نوعها، كي يُعيدوا معها ربط بعض الخيوط، ولو كانت خيوطاً عنكبوتية، كما فعلوا قبل أيام تجاه إسبانيا، موحين بذلك إلى العالم مِن حولهم بأن الجزائر لا تزال حاضرة، قوية، مؤثِّرة، ويُحسَبُ لها بالتالي حسابُها، بينما العالم كله، ونحن في طليعته، نُدرك أن الخصومة الجزائرية الفرنسية ليست في حقيقتها سوى ذرٍّ للرماد في عيون الشعب الجزائري المسطول، بتدبير فرنسي ماكر، يُراد به إنقاذٌ ما يمكن انقاذُه من بقايا فلول لصوص الثورة، الذين اختطفوا ثورتهم منذ بداية ستينات القرن الماضي وما زالوا يفعلون!!

نهايته... هذا النحيب وذاك الصخب، وتلك النذبة والجذبة الضارب صُداعُهما في الآفاق، والصادرتان عن حكام الجزائر وإعلامهم المراحيضي، ليست جميعُها إلاّ نوعاً هجيناً من الانخراط في الدور الذي خطّه الإيليزي لخادِمَيْه الأبرَّيْن عبد المجيد تبون وغير السعيد شنقريحة... وليست بالتالي سوى تجسيداً وتشخيصاً حياً لذلك المثل الدارج المُنَوَّهِ عنه أعلاه، "ضربني وبكى وسبقني وشكى"!!

اللهم ارزقنا السلامة والعافية... وللحديث حتماً بقية!!
 
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي