عبد الرحيم التوراني: هَل المَرأةُ إنْسَان؟… عَلَيْكُنَّ “الثَّامِن مِنْ مَارِسْ” إلَى يَوْمِ الدِّينْ

عبد الرحيم التوراني: هَل المَرأةُ إنْسَان؟… عَلَيْكُنَّ “الثَّامِن مِنْ مَارِسْ” إلَى يَوْمِ الدِّينْ عبد الرحيم التوراني
صار الثامن من مارس كل سنة لدينا مجرد مناسبة استعراضية، بضاعة باردة ومهمة الإعلام تسخينها في فرن “ميكرو أوند“ الإشهار والإعلان، حيث تقدم كأكلة للمستهدفين من مطبخ التحسيس والتنوير الشهي.
أعمال فنية وإبداعية من توقيع نساء، حفلات غنائية للنساء، تفتح القاعات السينمائية بالمجان للنساء، محاضرات وندوات، قراءات شعرية، قراءات قصصية، احتفاءات وتكريم وجوائز لشخصيات نسائية… ورود حمراء وابتسامات وجمل جاهزة مهداة كلها للنساء المخمليات… ولا نصيب منها للعاملات والفلاحات والفقيرات..
لا نصيب لك أيضا أيها الرجل.. ألم تكتف بباقي أيام العام؟! تظاهر بانحيازك للمساواة والمناصفة وللحركات النسائية.. رجاء انتظر يوما، أو أقل، حتى تمر القافلة، قافلة الذكرى أو العيد، نعم إن اسمه عيد المرأة العالمي أو الأممي..
كل شيء ينتهي في هذا اليوم وما يتلوه من أيام قليلة، بالانتساب لتاء التأنيث في آخر الكلمة، والصحيح إنها تاء مربوطة مكبلة، مجرد حرف نهاية تركن كائناته تحت نير قيود اجتماعية بالجملة، وأغلال سياسية واقتصادية ثقيلة لا تحيد، وإن ارتدت وشاح التحرر والحداثة والتقدم والمساواة.
كل الأحزاب والنقابات والهيئات والجمعيات والمؤسسات في هذا اليوم هنا، بعضها لا يظهر ولا يتحرك إلا في مثل هذه المناسبة الموسمية العابرة للقارات. والكل في شبه اتفاق وتواطؤ تامين..
أضواء الكاميرات حاضرة لتلفيف البضاعة الموجهة للاستهلاك الجماهيري الواسع، علما إنها بضاعة انتهت صلاحية استهلاكها. تفوح منها رائحة السنين وعفن التكرار وحموضة المِراء والتسليع، ما بقي في المعجم وقواميس اللغة من كلمات ومرادفات وتراكيب جاهزة وشعارات يمكن استعمالها لهذه الغاية الشديدة النبل والحساسية.
في لحظة يسري فينا الاعتقاد بأن هذا الكائن الأنثوي اللطيف والناعم كما لقنونا، هاجر من زمان قارات اللطف والنعومة لينافس الذكور في صحاري الخشونة والقساوة والتعب.
تردد الأبواق على المسامع إن المرأة في بلادنا السعيدة اقتحمت جميع الميادين التي كانت إلى زمن قريب حكرا على الرجال، المرأة في بلادنا تقود الطائرات والقطارات والبواخر والسفن، وتسير الإدارات والمقاولات، وتتبوأ المناصب العليا في الحكومة، وووو…
المرأة .. المرأة.. المرأة….
في أحد احتفالات الثامن من مارس سمعنا المذيعة في القناة الثانية المغربية تقدم للمشاهدين، بلكنة متحذلقة، نموذجا لوصول المرأة عندنا إلى حرف ومهن وظائف ومناصب كانت في السابق غريبة عنها، ثم امتلأت الشاشة بوجه امرأة فقيرة بدأت بالكلام عن عملها كحارسة سيارات!!
ولا تنسى القنوات والمحطات الإذاعية المختلفة بهذه المناسبة العظيمة استحضار واستجواب نساء يعملن في محلات الجزارة والحدادة وإصلاح الدراجات النارية.
قال بعض العاطلين والمعطلين:
– ها قد عرفنا سبب مشكلتنا وإقصائنا من سوق العمل، لقد سطت النساء على مكاننا.
وقال آخر:
– عندما كانت النساء قابعات في البيوت ساد الخير والبركة، وكان الأطفال يستفيدون من التربية والعناية اللازمة… ولم تكن الخيانة الزوجية والعهارة بهذه الدرجة من الانتشار!
ولم يتردد فقيه ظلامي في لعن المرأة والتذكير بغوايتها من قبل الشيطان الرجيم والتسبب في خروجنا من الجنة!!!
هذا يفضي بنا إلى التساؤل مع محاضر سعودي يضعنا في مواجهة سؤال فلسفي عميق:
“هل المرأة إنسان؟” …
مع احتفالات الثامن من مارس نشك في إنسانية هذا المخلوق.. حاشا لله ما هذا بشرا…!
إن هي إلا ناقصة عقل ودين، مجرد ضلع أعوج يا أولي الألباب و… لعلكم تشتهون …
هل المرأة إنسان؟
حاشا..
“إن كيدهن عظيم…”
– عليهن “الثامن من مارس” إلى يوم الدين… قال الإمام،
رد عليه من يجلسون أمامه بخشوع وتخشع:
– آمين.