على الصعيد التنظيمي، تفتقر هذه الفئة إلى تمثيل نقابي أو جمعوي يدافع عن مصالحها، على عكس القطاعات الأخرى التي تحظى بمنظمات تسعى للحصول على امتيازات متنوعة مثل الحماية التجارية، القروض المدعومة، المساعدات الحكومية المالية والعينية، وفرص العمل المخصصة لفئات محددة، دون مراعاة معايير المنافسة والكفاءة الاقتصادية.
ما يميز الفنان في الموسيقى الشعبية هو تحرره من العقلية والممارسات الريعية. فلا توجد وظائف أو امتيازات مخصصة للموسيقى الشعبية، ورغم العوائق القانونية وقلة الدعم، استطاعت الموسيقى الشعبية المغربية أن تتبوأ مكانة مرموقة وتحقق نجاحات كبيرة.
خصوصية صناعة الموسيقى الشعبية في المغرب تكمن في محدودية تدخل الدولة (ربما لأسباب دينية أو اجتماعية). هذا الهامش من الاستقلالية منح الفنان حرية أكبر في الممارسة، خاصة في بداية مشواره الفني، معتمداً على نفسه في التعلم والابتكار والتميز.
هذه المحدودية في تدخل الدولة ساهمت في خلق بيئة محفزة للإبداع واكتشاف وتنمية المواهب. فالفنان في الموسيقى الشعبية هو نتاج المبادرة الفردية، حيث يعتمد غالباً على نفسه لتعلم العزف أو الغناء دون توجيه أو مساعدة. وبعد اكتشاف موهبته، يسعى لتطوير مهاراته وتحديث أساليب عمله لتحسين أدائه.
هذا الجهد المستمر يساعد الفنان على تطوير قدراته الذاتية وتوظيفها بشكل إيجابي لزيادة الإنتاج وتحسين جودة المنتوج، مما يمكنه من تحقيق قفزات نوعية في مساره الفني.
في النهاية، يقدم الفنان الشعبي منتوجه الفني (أغنية أو عرض موسيقي) إلى السوق، تاركاً المجال لقواعد العرض والطلب والمنافسة الحرة وتحرير الأسعار دون أي تدخل حكومي، مما يؤدي إلى نتائج إيجابية للمستهلكين والمنتجين على حد سواء. هذه الخصائص تجعل من فنان الموسيقى الشعبية نموذجاً للشخص الذي لا يؤمن فقط بفكرة الاقتصاد الحر (اقتصاد السوق)، بل يطبقها عملياً.