آمنة بوعياش: حماية التعبيرات الثقافية ليست ترفًا بل تعبير عن مدى التمتع الفعلي للحقوق

آمنة بوعياش: حماية التعبيرات الثقافية ليست ترفًا بل تعبير عن مدى التمتع الفعلي للحقوق آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان
قالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن المغرب، شكل عبر تاريخه الطويل، فضاءً للتلاقح الحضاري والانفتاح الثقافي، أفرز إرثًا ثقافيًا متنوعا وغنيًا بتعدد روافده الأمازيغية، الصحراوية الحسانية والعربية، والأفريقية، والعيبرية والأندلسية، والمتوسطية، وهو تنوع يحتاج أكثر من أي وقت مضى الى حمايته بما يضمن استمرار التعبيرات الثقافية ويصونها من الاندثار أو التهميش وتثمينها من خلال البحث العلمي وادماجها في دورة الاقتصاد الوطني. 

جاء ذلك في كلمة لها اليوم الأربعاء 26 فبراير 2025 خلال اليوم الدراسي الذي نظمه المجلس حول:" أكوار حقوق الانسان".
 
تحديات حماية التعبيرات الثقافية
وأفادت بوعياش أن اختيار عنوان "تحديات حماية التعبيرات الثقافية على ضوء مبادئ حقوق الإنسان"، يأتي اقتناعا من المجلس، بأهمية الحق في الثقافة والحقوق الثقافية، في توطيد النظام الوطني لحماية الحقوق والحريات، الحقوق الثقافية مقومات للهوية الوطنية والذاكرة الثقافية للمغاربة وباعتبار التعبيرات الثقافية، المتجددة لحظة مفصلية لمواكبة مسارات التحولات المجتمعية، ولحظة إنصات ثقافي جماعي تستهدف بلورة أجوبة واضحة ومقنعة للإشكاليات المعاصرة.

 
وأضافت المتحدثة ذاتها أن المجلس يعتبر حماية التعبيرات الثقافية المتعددة ليست ترفًا ولا وقت ثالث في حياة المواطن، بقدر ماهي تعبير عن مدى التمتع الفعلي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
 
فالتعبيرات الثقافية بتنوع روافدها، وارتباطها الأصيل بالحق في الهوية والذاكرة، بما فيها الجماعية، وما يتصل بها من الحق في الإبداع والمشاركة الثقافية، التي باتت اليوم، تشكل مدخلا مركزيا في تصميم وبناء سياسات عمومية مندمجة ومستدامة.
 
إن رهان التنمية الإنسانية والمجالية اليوم، بات يتطلب منا المزيد من الحرص على وضع سياسات عمومية، وفق متطلبات التنوع الثقافي، لنتمكن من خلق فرص مبتكرة لإعادة إنتاج الثروة وتطوير الرأسمال البشري.
 
وفي السياق ذاته، أبرزت بوعياش أن الهدف من خلال هذا اللقاء، هو استكشاف السبل الممكنة لاعتماد المقاربة القائمة على حقوق الانسان في التعاطي مع القضايا الثقافية، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات العدالة المجالية، وما تستدعيه من موارد وإمكانات للنهوض بالسياسة الثقافية، بمختلف روافدها، باعتبارها مدخلا لتنويع مصادر إنتاج الثروة،  وتضييق الفجوات المجالية بين الجهات، وتمكين الفئات الهشة والمناطق النائية من حقها في الاستفادة من الإرث الثقافي المشترك. ونعتبر في المجلس أن تحديات حماية التراث الثقافي في المغرب اليوم متعددة.
 
وزادت بوعياش قائلة:" من جهة، نجد التراث الصخري، والنقوش القديمة الذي يشمل معظم التراب الوطني ، ويمتد حسب الخرائط المتوفرة لحد الان، من شرق  المملكة  وجبال الاطلس  وصولا إلى جنوب المغرب، يواجه مخاطر الإتلاف والإهمال،  سواء الطبيعي منه أو البشري، ولقد عاينت شخصيا خلال زيارتي إلى السمارة أو الداخلة ودرعة تافيلالت تنوع وغنى الأشكال المميزة للفن الصخري، باعتباره إحدى التعبيرات الإنسانية العميقة التي عبر من خلالها أسلافنا عن تفاعلهم مع محيطهم المجتمعي". 
 
ورغم المجهودات من أجل حفظ وصون التراث الثقافي بما في ذلك الفن الصخري، أبرزت بوعياش أنهم في المجلس يعتقدون أن صون التراث الثقافي كان، ولازال يحتاج لاستراتيجية وطنية، مسنودة ببنية لتعزيز التكامل والالتقائية بين مختلف الفاعلين، وذلك بهدف تعزيز مصادر التمويل والرفع من نجاعة التدخل وتمكين المواطنين من الانتفاع والولوج إلى الحقوق الثقافية بمختلف تعبيراتها.
 
هذه الاستراتيجية الوطنية- تضبف بوعياش-في حاجة أيضا إلى تشجيع البحث العلمي والجامعي وتعزيز ضمانات حماية الملكية الوطنية ووضع أسس صناعة ثقافية وطنية ومجالية. 
 
كما نبهت إلى مطلب الاهتمام بتطوير الصناعات الثقافية وتعبئة الموارد المالية اللازمة لهذا المشروع من القطاع العام والخاص والانفتاح على ما يوفره الذكاء الصناعي والتطور التكنولوجي في الرفع من القيمة المضافة للصناعة الثقافية، يجب أن يواكبه حرص متنامي على ربط استراتيجية الصناعة الثقافية بمنظومة القيم والحقوق في المقام الأول.