الدار البيضاء.. المحامون الشباب يُشرّحون قانون ممارسة الإضراب ويقترحون بدائل تشريعية لتحقيق التوازن

الدار البيضاء.. المحامون الشباب يُشرّحون قانون ممارسة الإضراب ويقترحون بدائل تشريعية لتحقيق التوازن المحامي المريني، إلى جانب منصة الندوة
أكدت جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء، على ضرورة تبني إصلاح تشريعي متوازن، يأخذ بعين الاعتبار التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب، ويعمل على تحقيق رؤية عادلة لحق الإضراب كوسيلة أساسية للدفاع عن الحقوق الاجتماعية، دون الإضرار بمصالح باقي الفاعلين الاقتصاديين.

جاء ذلك ضمن كلمة زكرياء المريني، رئيس جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء، في ندوة حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، الجمعة 21 فبراير 2025.

وأكد زكرياء المريني أن الإضراب كوسيلة من وسائل الاحتجاج الجماعي يتمتع بحماية دستورية، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في وضع إطار تشريعي يُراعي توازن المصالح بين العمال والمقاولات.
وأوضح المتحدث أن من أبرز مضامين هذا المشروع ما يلي:

- إقرار مبدأ الإخطار المسبق قبل تنفيذ أي إضراب، وهو ما يتيح للأطراف المتنازعة فرصة التفاوض.
- فرض الحد الأدنى من الخدمة في بعض القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والنقل، مما يضمن استمرارية المرافق الأساسية.
- تحديد العقوبات على حالات الإضراب غير القانوني، مما يثير تساؤلات حول مدى احترام مبدأ التناسب بين المخالفة والعقوبة.
- التدخل القضائي في بعض الحالات لفض النزاعات المرتبطة بالإضرابات، مما قد يشكل سيفًا ذو حدين إذا لم يتم ضبطه وفق ضمانات واضحة.

وتحدث المريني أن المشروع يطرح العديد من التساؤلات، لاسيما فيما يتعلق بالقيود المفروضة، والتي قد تُفرغ هذا الحق من مضمونه الفعلي، وتحوله إلى مجرد إجراء رمزي دون أي تأثير حقيقي على المفاوضات الاجتماعية. معتبرا أن التحدي الأكبر الذي يواجه أي إطار قانوني ينظم حق الإضراب هو تحقيق التوازن الدقيق بين ثلاث ركائز أساسية:

1. ضمان حق العمال في الدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية.
2. حماية حقوق أرباب العمل والمقاولات لضمان الاستمرارية الإنتاجية والاستثمارية.
3. الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني ومنع أي اضطرابات قد تؤثر سلبًا على التنمية.

غير أن مشروع القانون 97.15 يُثير بعض المخاوف، خاصة فيما يتعلق بمدى اتساع دائرة القيود المفروضة على الإضراب، والتي قد تحوله إلى مجرد حق نظري، فاقد لأي فعالية حقيقية. فمن أبرز الإشكالات التي يمكن إثارتها:
* إلى أي مدى يضمن المشروع الحياد في تطبيق مقتضياته بين العمال والمشغلين؟
* هل يوفر هذا القانون ضمانات كافية لحماية الأجراء من التعسف في العمل؟
* ما هو الدور الحقيقي للقضاء في فض النزاعات المرتبطة بالإضراب؟ وهل سيشكل تدخله عنصرًا لضبط العلاقات الشغلية أم وسيلة للحد من الاحتجاجات العمالية؟

وقال رئيس جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء، بأن أي قانون ينظم حقًا جوهريًا مثل الإضراب لا بد أن يستند إلى حوار اجتماعي حقيقي، مبني على إشراك كافة الأطراف المعنية، سواء كانوا ممثلي النقابات العمالية أو أرباب العمل أو السلطات العمومية. مقترحا بعض البدائل التشريعية التي قد تحقق توازنًا أفضل في تنظيم هذا الحق، ومنها:

* إدراج آليات بديلة لحل النزاعات الجماعية، مثل الوساطة والتحكيم الإجباري قبل اللجوء إلى الإضراب.
* إعادة النظر في بعض القيود الزمنية المفروضة على إعلان الإضراب، بحيث يتم تفادي أي انتقاص من فعاليته كوسيلة احتجاجية.
* تعزيز ضمانات حماية العمال المضربين من أي إجراءات انتقامية قد تُمارس ضدهم، سواء عبر الفصل أو التضييق الإداري.
* إقرار مبدأ "التناسبية" في العقوبات المتعلقة بالإضرابات غير القانونية، بحيث لا تكون هناك غلبة لأي طرف على حساب الآخر.