الحسين بكار السباعي: هل آن الأوان لإصلاحات ضرورية داخل الاتحاد الإفريقي تحترم سيادة الدول ؟

الحسين بكار السباعي: هل آن الأوان لإصلاحات ضرورية داخل الاتحاد الإفريقي تحترم سيادة الدول ؟ الحسين بكار السباعي
يواجه الإتحاد الأفريقي اختبارا حقيقيا لمصداقية مبادئه التأسيسية ، خاصة مع تصاعد التحديات السياسية والأمنية التي تواجه القارة السمراء . الإتحاد الذي إتخذ مواقف صارمة ، تجاه الدول التي شهدت تغييرات غير دستورية، في أنظمتها الحاكمة من خلال التطبيق الحازم للمادة 30 من قانونه الأساسي ، كما حدث مع بوركينا فاسو، و مالي وغينيا والنيجر و الغابون والسودان ، حيث تم تعليق عضويتها التزاما بضرورة إحترام بمبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد،
ومن جهة أخرى، لا يزال يحتفظ بعضوية كيان لا يمتلك أي مقومات الدولة وفق القانون الدولي، وهو ما يسمى بـ"الجمهورية الصحراوية"، التي لا تحظى باعتراف الأمم المتحدة ولا بأغلبية دول العالم ، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير داخل المنظمة القارية .

إن استمرار وجود هذا الكيان داخل الاتحاد الأفريقي يشكل انحرافا عن المبادئ التأسيسية للمنظمة، التي يفترض أن تضم دولا ذات سيادة كاملة و معترف بها دوليا، وليس كيان مصطنع لا يمتلك أي سيادة فعلية على أي أرض من أراضي الصحراء الكبرى ، وليس له الحق أبدا بأن يتكلم بإسم أي شعب يسميه الصحراوي .
فإذا كان الاتحاد يدافع عن الديمقراطية والإستقرار بالقارة السمراء ، فلماذا يسمح بوجود كيان إرهابي لم يشهد أي عملية إنتخابية حقيقية، ولا يخضع لأي آلية رقابية داخلية أو دولية ؟ هذه المفارقة لا تضع فقط مصداقية الاتحاد على المحك، بل تعرقل أيضا مسار الإصلاح الذي تتبناه العديد من الدول الأعضاء، وعلى رأسها المملكة المغربية .
المغرب الدولة العضو ، والفاعل الرئيسي داخل المنتظم الإقليمي والدولي ، ومن مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية التي أضحت تحمل إسم " الإتحاد " ، أقول ، منذ عودته إلى الاتحاد الأفريقي سنة 2017، تبنى نهجا استراتيجيا قائما على تصحيح هذا الوضع غير القانوني ، عبر توسيع قاعدة الدول الإفريقية الرافضة لبقاء هذا الكيان داخل المنظمة ، وهو ما ظهر جليا في القرارات المتتالية التي اتخذتها أكثر من 30 دولة أفريقية بسحب اعترافها به . ويأتي هذا في إطار رؤية أوسع تهدف إلى جعل الاتحاد الأفريقي مؤسسة أكثر انسجاما مع الشرعية الدولية، وأكثر فاعلية في مواجهة النزاعات الحقيقية التي تعاني منها القارة.

ختاما ، إن القمة الأفريقية 38 المقبلة ، بأديس أبابا، لابد أن تكون محطة مفصلية لإعادة النظر في هذه التناقضات ، فإما أن يتحلى الاتحاد بالشجاعة لتصحيح هذا الخلل ، وإعادة تنظيم صفوفه بما يتماشى مع مبادئه الحقيقية ، أو أن يبقى سجينا لممارسات تضر بمصداقيته ، وتفرغ قراراته من أي قيمة قانونية أو سياسية .
لقد آن الأوان لتنقية الاتحاد الأفريقي من الكيان الوهمي الإرهابي ، و مراجعة قانونه الأساسي لإعادة الاعتبار لمنظمة يفترض أن تكون ركيزة للوحدة والاستقرار، لا ساحة لتصفية الحسابات الأيديولوجية والسياسية.


ذ . الحسين بكار السباعي؛ محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.