لا أدري إن كان البعض يدرك أن ترامب كان رئيسًا سابقًا للولايات المتحدة، وأن عودته إلى البيت الأبيض لم تكن سهلة. فقد خاض معركة سياسية شرسة ضد الديمقراطيين، الذين استخدموا كل الأدوات الممكنة لمنعه من العودة، بل لدفنه سياسيًا إلى الأبد. ومع ذلك، نجح في تجاوز العقبات وعاد بقوة، في انتصار يحمل دلالات سياسية عميقة لا يبدو أن الكثيرين يستوعبونها بالكامل.
لقد أظهر ترامب، رغم كل التحديات القضائية والسياسية، قدرة غير مسبوقة على البقاء والصمود في الساحة السياسية. الديمقراطيون سعوا بكل الطرق لإبعاده، عبر معارك قضائية وإعلامية لا مثيل لها في التاريخ الأمريكي الحديث، لكنهم فشلوا. ومع ذلك، نجد أن بعض العرب يستخفون به ويطلقون عليه الأوصاف السطحية، دون فهم حقيقي لواقعه السياسي وشخصيته الفريدة.
ترامب ليس مجرد سياسي عادي، بل هو رجل أعمال شرس، يمتلك ثروة ضخمة وعقلية مقاولاتية لا تقبل الهزيمة. إنه يدير السياسة كما يدير أعماله، بمنطق الربح والخسارة، ودون مجاملة أو تردد. ولذلك، فإن التعامل معه يتطلب فهمًا عميقًا لطريقته في اتخاذ القرارات، وليس مجرد إطلاق الأحكام المسبقة والانطباعات العاطفية.
على بعض العرب أن يدركوا أن العالم لا يسير وفق أحلامهم أو أوهامهم، بل وفق موازين القوى والمصالح. وبدلًا من إهدار الوقت في التقليل من شأن هذا الرجل، عليهم أن يتعلموا كيف يستفيدون منه، وكيف يستوعبون قواعد اللعبة السياسية الدولية.
لكن يبدو أن بعض العرب، كما جرت العادة، يصرون على البقاء خارج التاريخ… وإلى أن يدركوا ذلك، سيستمرون في ارتكاب الأخطاء نفسها، والعيش في الأوهام ذاتها… هزيمة تلوّ الأخرى إلى أن تجف منابع الثروة الزائفة.