وحول تداعيات الصراع التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، أوضح البيار في حوار مع "أنفاس بريس"، أنه محليا في المغرب، علينا الاستفادة من هذا الزخم، ليس كمتفرج فقط وتابع، وهو ما كانت تفعله الصين قبل 15 سنة في علاقاتها بأمريكا قبل أن تستطيع الدخول إلى الصناعات التكنولوجية والآن الذكاء الاصطناعي عبر ديب سيك.
وذلك بالاستثمار في البشر أولا، انطلاقا من التعليم الابتدائي بإحداث وحدات خاصة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وأيضا تدريب الكوادر والاستثمار في البنية التحتية.
منذ إطلاق التطبيق الصيني للذكاء الاصطناعي "ديب سيك" أظهر قدرة تنافسية عالية مقارنة بالنموذج الأمريكي للذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي"، حيث استطاع تقديم أداء متقدم بتكلفة أقل بكثير، كيف تفسر ذلك، وما هي مميزات التطبيق الصيني؟
يمكن اعتبار مسألة التكلفة المنخفضة مدخلا مهما لفهم ردود الفعل الأمريكية التي هاجمت التطبيق الصيني بعد أيام قليلة فقط من إطلاقه لأنه يمكن أن يشكل تهديدا على النموذج الاقتصادي للشركات الأمريكية التي تفرض رسوما ليست في متناول الجميع. فمثلا، شركة "أوبن أي أي" الأمريكية جاءت بداية لتكون مفتوحة المصدر كما يظهر من اسمها OPEN، لكنها صدمت المستخدمين لاحقا برسوم شهرية للاستفادة من بعض الخدمات التي تتيحها. وهذه الخدمات قدمتها ’’ديب سيك’’ مجانا، حيث تقدم الشركة الصينية أداء عاليا بتكلفة أقل، مما يجعله خيارا جذابا للشركات العالمية التي تسعى إلى تقليل النفقات مع الحفاظ على جودة الخدمة.
كما أن خوارزميات التطبيق الصيني ليست متحيزة بنسبة كبيرة مقارنة ببعض أدوات الذكاء الاصطناعي الأميركية التي ترفض الخوض في مواضيع سياسية معينة، حيث يتم تدريب النموذج اللغوي على تجنب مثل هذه المدخلات بشكل او بآخر.
الشركة الصينية لديها كذلك قدرة عالية على التكيف، حيث يتعامل التطبيق مع لغات وثقافات متعددة، مما يجعله مناسبا للأسواق العالمية. هذه المرونة تعزز قدرته على المنافسة دوليا.
ومع التمويل والدعم الذي تقدمه الحكومة الصينية التي تستثمر جيدا في البحث العلمي، ستظهر ابتكارات تقنية متقدمة. هذه التقنيات يمكن أن تمنح "ديب سيك" ميزة تنافسية في الأسواق العالمية.
كما أن الدعم الحكومي الصيني القوي للذكاء الاصطناعي يوفر موارد كبيرة للشركات، مما يمكنها من توسيع نطاق عملياتها وتحسين منتجاتها. هذا الدعم يعزز قدرتها على المنافسة عالميا.
توافر البيانات الضخمة، الصين لديها إمكانية الوصول إلى كميات هائلة من البيانات، مما يحسن تدريب النماذج ويزيد من دقتها. هذه الميزة تعزز أداء "ديب سيك" في الأسواق الدولية.
كيف تفسر انزعاج الإدارة الأمريكية من شركات التكنولوجية الصينية هواوي، تيك توك..؟
الحرب على الشركات الصينية ليست وليدة اليوم، بل تعود لسنوات خلت في إدارة ترامب الأولى، على شركة هواوي التي جاءت بتقنية الجيل الخامس 5G، وبعد صعود تيك توك كأول شبكة اجتماعية غير أمريكية تتجاوز حاجز المليار مستخدم، وهذا يعتبر كنزا في عالم البيانات الضخمة.
كيف يمكن للمغرب أن يستفيد من الصراع التكنولوجي الصيني الأمريكي؟
محليا، علينا الاستفادة من هذا الزخم، ليس كمتفرج فقط وتابع، وهو ما كانت تفعله الصين قبل 15 سنة في علاقاتها بأمريكا قبل أن تستطيع الدخول إلى الصناعات التكنولوجية بشركات الهواتف والبنية التحتية الرقمية مثل هواوي وشركات أخرى، والشبكات الاجتماعية كتيكتوك، والآن الذكاء الاصطناعي عبر ديب سيك.
علينا أن نستثمر في البشر أولا، وهذا الاستثمار يجب أن يبدأ من التعليم الابتدائي بإحداث وحدات خاصة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وأيضا تدريب الكوادر والاستثمار في البنية التحتية. مشكلتنا في المغرب أن رؤوس الأموال تسعى فقط للربح السريع وليس الاستثمار المتوسط والبعيد المدى. علينا الخروج من النمطية الاستثمارية التي لم تعد صالحة في زمن الذكاء الاصطناعي الذي يمر قطاره بسرعة فائقة، وقد يتجاوزنا إن لم نركب الآن، الفرص واعدة والشباب موجود لكن يحتاج إلى مستثمرين حقيقيين.