منذ بداية التقارب القوي الذي حدث بين موريتانيا والمغرب تُوجت بزيارة الرئيس الموريتاني لملك البلاد وإعلانه عن انخراط بلاده في المبادرة الأطلسية انطلقت حملة مسعورة ظاهرها أعلام تنظيم البوليساريو حقيقتها النظام الجزائري المتحكم الحقيقي في كل تحركات هذه المليشيات، وقد ازداد حجم هذا الهجوم مع اللقاء الذي عقده ملك البلاد والرئيس الموريتاني والقيادة الإماراتية حيث اعلن الثلاثي عن انخراطهم في مشاريع اقتصادية كبرى ستربط جنوب المغرب بقلب موريتانيا ليصل لذروته مع إعلان المغرب عن وجود مشروع طريق جديدة ستربط بين مدينة السمارة جنوب المغرب بموريتانيا التي ستنضاف إلى معبر المؤمرات لتكون ثاني طريق تربط البلدين تعزيزاً للشراكة التي تجمعهما، ومع هذا الإعلان الذي يعكس موقف موريتاني إيجابي و واضح بدعم بلاده لمغربية الصحراء والسيادة المغربية على هذه الاقاليم خرج البشير مصطفى السيد القيادي في تنظيم مليشيات البوليساريو بتصريحات أدلى بها حول هذا التقارب الجديد بين المغرب وموريتانيا كلها تهديد لهذا البلد الجار، تهديد بشن الحرب وبجر الشعب الموريتاني للمستنقع الذي تعيش فيه مليشيات البوليساريو وهو مستنقع مليء بالأوحال التي صنعتها القيادة الجزائرية داخل المخيمات حيث قال بصريح العبارة أن " منح نواكشوط الضوء الأخضر للمشروع ستصبح الحدود حدودا مغربية" وهو يقصد هنا أن تدشين هذه الطريق سيجعل من المنطقة خاضعة فعلياً و كلياً للإدارة المغربية بحيث سيتسكمل المغرب تنظيم حدوده اتجاه موريتانيا بموافقة الجارة وتحت أنظار بعثة المينورسو والأمم المتحدة، وقد أضاف في تهديده أن هذا الوضع "من شأنه أن يورط موريتانيا في حرب".
هذه الحرب التي لوَّح بها البشير مصطفى السيد لم يوضح مع من ستكون و بين من ستكون؟ كما أنه معلوم أن هكذا تصريحات فيها تهديد بالحزب والسلم والأمن بالمنطقة لا يمكن أن تصدر عن قيادات بمليشيات البوليساريو دون ضوء أخضر من الجنرالات الجزائريين، ونظراً للترابط العضوي بين المليشيات والنظام الجزائري فإن هذه التهديدات الخطيرة هي في حقيقتها تهديدات جزائرية تم إطلاقها على لسان البشير مصطفى السيد آكل الثوم الجزائري بلسانه!!.
وإذا كنا نعلم أن النظام الجزائري أضعف من الدخول في حرب رغم إنفاقه الأعمى على التسلح بقيمة 25 مليار دولار في هذه السنة كأعلى إنفاق عالمي، وإذا كنا متأكدين من أن تنظيم مليشيات البوليساريو كل ما يملكه من ترسانة هي خوردة سوفياتية لم تعد صالحة للحرب، فإن هذا التلويح يطرح سؤالاً جدياً على بعثة المينورسو التي تتواجد بالمنطقة لحفظ السلم والأمن بموجب اتفاق وقف إطلاق النار عليها أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة في تنفيذ ولايتها العسكرية والأمنية سواء من خلال إبلاغ الأمين العام للإمم المتحدة بهذه التصريحات/التهديدات، أو بما تشكله من مس خطير بالوضع الحالي في المنطقة و هو وضع يعيش حالة من التدهور منذ إعلان تنظيم البوليساريو الحرب على الأمم المتحدة وخروجه من اتفاق وقف اطلاق النار.
إن هذا التصريحات هي ليست فقط تصريحات عابرة، يل هي سياسية ومدفوع بالبشير مصطفى السيد لكي يُطلقها ليس فقط لتصريفها داخل المخيمات، بل لبعث رسائل للداخل الموريتاني على قدرة المليشيات جر موريتانيا لمستنقع الحرب، و هي رسائل تعتقد أن موريتانيا اليوم هي نفسها موريتانيا بداية الثمانيات، وأن موريتانيا ضعيفة والحال أن هذا البلد الجار اليوم هو أقوى مما تتصوره المليشيات وله القدرة على ردع ورد أي عدوان، وإذا كان الإعلان الموريتاني وقيادة هذا البلد قد تجاهلت هذه التصريحات الطائشة فلعلم الجميع بالوضع الوَهِن الذي توجد عليه مليشيات البوليساريو التي لم انهارت كل إمكانياتها العسكرية-المليشياتية وأن كل ما لديها اليوم هو ارتباطاتها بالتنظيمات الارهابية في المنطقة.
المغرب وموريتانيا ماضيان معاً في مشروعهما الكبير، مشروع بناء تحالف اقتصادي ثنائي يحقق النماء للشعبين والبلدين، يجعل من جنوب المغرب قلب هذه المشاريع الاقتصادية ويدفع بموريتانيا لتكون في قلب هذه المشاريع الاقتصادية الكبرى، ما أعلام قيادة البلدين عن هذه المشاريع العملاقة إلا دليل على وعي قيادات البلدين بأهمية التكامل الإقتصادي، وما مشروع الطريق السمارة- مورتانيا و إعلان هذه الاخيرة عن انخراطها في مشروع المبادرة الأطلسية… إلا دليل حسم موريتاني لاختياراتها الاستراتيجية بالمنطقة لصالح المشاريع الاقتصادية والتنمية وتحقيق الرخاء لشعبي البلدين.