تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وفروعه، يرتبط بالاستراتيجية الجزائرية القائمة على خلق بيئة غير آمنة في المحيط الإقليمي، حيث يتحرك في شمال مالي نحو ليبيا وتونس والنيجر ونيجريا وموريتانيا وبوركينا فاسو وكوديفوار وغيرها، ويضرب هنا وهناك مستفيدا من الدعم اللوجستيكي القادم من الجنوب الجزائري، بدون تدخل السلطات لمنع ذلك. ونفس الأمر يتكرر مع التنظيم المستحدث بتاريخ 01 مارس 2017 المسمى «نصرة الإسلام والمسلمين»، بقيادة إياد غالي، الذي أصبح يشكل منصة لكل التنظيمات الجهادية في شمال مالي التي أعلنت بيعتها لتنظيم القاعدة والتابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، والتي تشكل أداة من أدوات النظام العسكري الجزائري للحفاظ على بيئة غير امنة في جواره الإقليمي وخصوصا في دول منطقة الساحل الافريقي.
إياد اغ غالي يوجد في بلدة "تنزواتن" الجزائرية
العديد من التقارير الصحفية الفرنسية والأجنبية، تؤكد كلها ان مقر إقامة إياد اغ غالي زعيم «تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين»، يوجد في بلدة «تنزواتن» الجزائرية حيث يقيم صحبة ابنته وزوجته «انا وليت بيشا» «وهي ابنة مستوطن فرنسي وأم طارقية»، تحت حماية الامن العسكري الجزائري ، وانه ذراع المخابرات الجزائرية في المنطقة. وقد خصصت مثلا مجلة جون افريك سنة 2018، ملفا خاصا حول هذا الموضوع "IYAD AG GHALY " .JEUNE AFRIQUE NO 2983 DU 11 AU 17MARS 2018. وقد جاء في هذا الملف، انه وفقاً لأحد كبار المسؤولين المقربين من الرئيس الأسبق فرانسوا هولاند، فإن إياد آغ غالي يقضي معظم وقته في منزله ببلدة «تنزواتن» الجزائرية، ولا يستطيع الفرنسيون التدخل المباشر في البلدة المذكورة دون موافقة الأمن العسكري الجزائري، كما أن الجيش الفرنسي لا يمكنه مهاجمته طالما هو في الجزائر.
فرنسا تحت قيادة فرانسوا هولاند، كما هو الحال مع إيمانويل ماكرون، مقتنعة بأن المسلحين الذين كانوا يهاجمون قواتها في شمال مالي ودول منطقة الساحل الإفريقي يتمتعون بحماية الجزائر، وأنهم يقيمون في الجانب الجزائري من الحدود.
ففي شهر يونيو من سنة 2017، نفى وزير الشؤون الخارجية الجزائري آنذاك عبد القادر مساهل، في تصريح للصحافة، علم الجزائر بمكان إياد غالي، ردا على المطالب الفرنسية، كما أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثار خلال زيارته للجزائر في شهر دجنبر من سنة 2017 موضوع إياد اغ غالي مع مع أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع ورئيس الأركان العامة للجيش الجزائري آنذاك، ولكن دون الوصول إلى أي نتيجة تلبي مطالب فرنسا.
الجزائر تستعمل تنظيم "نصرة الإسلام والمسلمين" لضرب المصالح المغربية
في خطوة خطيرة، انتقل النظام العسكري الى مرتبة جديدة في اطار محاربة ومعاكسة المغرب، تنبئ بالدخول في مرحلة ستكون تداعياتها الخطيرة على النظام العسكري، وتعد مؤشرا واضحا على انسداد الأفق أمامه وعجزه على مجابهة التمدد الاقتصادي المغربي في افريقيا .
فبعد أن فشل النظام العسكري الجزائري في توظيف مليشيات البوليساريو لعرقلة تدفق التجارة الدولية عبر معبر الكركرات، توجه هذه المرة الى استعمال التنظيم الإرهابي «نصرة الإسلام والمسلمين» الذي أعلن ولاءه لتنظيم القاعدة، لمنع الشاحنات المغربية من الوصول الى أسواق دول منطقة الساحل الافريقي.
حيث أعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، خلال شهر يناير من سنة 2025، وفق ما ذكره موقع «أنباء أنفو» الموريتاني، مسؤوليتها عن استهداف العشرات من الشاحنات المغربية التي تعمل في مجال نقل البضائع، عند مرورها من المعبر الحدودي «نيورو الساحل» على الحدود بين موريتانيا ومالي.
وقد أكدت الجمعية المغربية للنقل الطرقي العابر للقارات، إن 30 شاحنة مغربية تعرضت لأضرار مادية على إثر الهجوم، مع تسجيل إصابات دون خسائر في الأرواح في صفوف السائقين ومساعديهم.
وقد سبق أن قامت عناصر مسلحة يوم السبت 11 شتنبر 2021، بمهاجمة شاحنة مغربية محملة بالبضائع عبرت الكركرات إلى موريتانيا متوجهة الى العاصمة المالية بماكو. وقد وقع الحادث على مستوى بلدة «ديديني» على بعد 300 كلم من العاصمة المالية بماكو، حيث اعترضتهم مجموعة مسلحة كانت مختبئة بين الأشجار على جنبات الطريق وأطلقت الرصاص مستهدفة السائقين المغاربة.
وقد اكد شهود عيان أن المهاجمين كانوا مقنعين ويرتدون واقيات من الرصاص ولديهم أجهزة اتصال لاسلكي، وانهم لم يقوموا بسرقة أية أغراض ولم يستولوا على البضائع، وقد لاذوا بالفرار مباشرة بعد ارتكابهم الجريمة.
وثيقة دبلوماسية منسوبة الى السفير المغربي تكشف دور الجزائر في ضرب المصالح المغربية
مكنت زيارات الملك محمد السادس المتعددة للدول الافريقية، من توسيع نشاط الفاعلين المغاربة إلى قطاعات مختلفة وذلك لتلبية حاجيات اقتصادية في طور التحول. كما أعطت الانطلاقة لعدة مشاريع اجتماعية واقتصادية، خصوصا في مجال الصحة، والتعليم، والسكن الاجتماعي، والفلاحة، وتربية الماشية والصيد البحري.
وقد عمل المغرب على تقوية المنظومات المالية والبنكية لعدد مهم من دول القارة، الأمر الذي مكن من رفع القيمة الإجمالية للمبادلات التجارية الثنائية للمغرب مع الدول الإفريقية، وذلك بالموازاة مع تقوية الاستثمارات المغربية في إفريقيا، مما جعل المغرب أول مستثمر إفريقي بالقارة. وانخرط كذلك بقوة في بناء نموذج إفريقي للتنمية والعمل على توفير الامن الغذائي للشعوب الافريقية، وتطوير البنيات التحتية وتعزيز السيادة الغذائية والطاقية والأمن الصحي وتثمين الموارد الداخلية والرفع من مستوى الصناعة.
في المقابل نجد النظام العسكري الجزائري لازال مستمرا في تبني استراتيجية تقوم على نشر عدم الاستقرار والأمن، وتوسيع مجال المعضلة الأمنية القائمة في منطقة الساحل الافريقي. فقد كشفت وثيقة دبلوماسية منسوبة الى السفير المغربي في باماكو عاصمة مالي، تم تسريبها ونشرها سنة 2018 في موقع (maroc leaks)، الحرب التي تشنها الجزائر ضد المغرب في مجموعة من البلدان الإفريقية، حيث أكد السفير المغربي في هذه الوثيقة التي هي عبارة عن مراسلة موجهة لوزارة الخارجية المغربية، عن وجود صعوبات وعراقيل تواجه المستثمرين المغاربة بجمهورية مالي. وحسب هذه الوثيقة فإن اللوبي الجزائري هو الذي يقف وراء اختلاق هذه الصعوبات والعراقيل.
السفير المغربي حسن الناصري اتهم في مراسلته، المؤرخة في 18 يونيو 2014، بصفة صريحة، السلطات الجزائرية بوضع العراقيل الإدارية وحتى القضائية للحيلولة دون نجاح الاستثمارات المغربية في مالي. وأورد على سبيل المثال حالة «البنك الدولي من أجل مالي»، وهو فرع تابع منذ سنة 2008 لبنك «التجاري الوفاء»، الذي شهد خلافات ما بين العمال المحليين والإدارة الرئيسية للبنك في المغرب، وتؤكد الوثيقة الدبلوماسية بأن اللوبي الجزائري هو الذي يقف وراء تأجيج هذه الخلافات.